نَفَسُ السَّمَاءِ…..بقلم خديجه بن عادل

يا نَبِيَّ اللهِ عِيسَى،
هبَطْتَ على صَمتٍ لم يُكْتَب بعدُ،
الظِّلُّ ارتَعَش عندَ قدومِكَ،
والنُّورُ تَمَوَّجَ في صُدُورٍ لم تَعْرِفِ الصّحو.
الأرضُ تَذَكَّرَت اسمَكَ قبلَ أن تَتَنَفَّس،
واللَّيلُ تَفَتَّحَ على صَمتِكَ كَزَهْرَةٍ بلا رائِحَةٍ،
والهَواءُ انشَطَرَ إلى آلافِ أصواتٍ لم تُسْمَع بعدُ.
خطْوَةٌ بلا أثرٍ،
نَظْرَةٌ بلا عُيونٍ،
هَمْسَةٌ تَصْنَعُ السُّكُونَ في النُّفوسِ،
وتُعيدُ للأشياءِ قَدْرَها من الحُلْم.
الماءُ ارتَجَفَ،
والجذورُ تَنْحَنِي،
والأماني انفتَحَت كأجنِحةٍ بلا جَسَدٍ،
كُلُّ شَيءٍ يَخْتَبِر الغيابَ،
ويولَدُ من فَراغٍ يَضْحَكُ بلا صَوتٍ،
ويُضيءُ بلا شُعاعٍ،
ويَهْمِسُ بلا حُروفٍ.
الجراحُ تذوبُ في الضَّوء،
والرغبةُ تَنمو في الظِّلِّ،
والزمنُ يَرجِع إلى الوراء،
ليَكتُبَ على ظَهْرِ اللحظةِ ما لم يُولَد بعدُ.
النُّجومُ تَتَدَلّى من شريانِ السَّماء،
والأقمارُ تَسبَحُ في عُرُوقِ الرِّيحِ،
والأرواحُ التي ضاعَت في العَتمةِ
تَعودُ لتَعرِف النُّور في صَمتِكَ.
وفي فَجْرٍ يُضيءُ على قُبَّةِ الشام،
تَصعَدُ خُطاكَ بلا ثِقَلٍ،
تَعْلُو بين أصواتِ المدينةِ الصامتةِ،
الهَواءُ يَفتَحُ ذِراعيهِ،
والأزقَةُ تَنْحَنِي كأنَّها تَعرِفكَ منذ الأزلِ،
والمآذِنُ تَنْبِضُ برُؤْيَةٍ لم تُسَجَّل في التَّاريخ.
القناديلُ تَترَنَّمُ بلا نارٍ،
والبابُ يَفتَحُ نَفسَهُ أمامَ قدومِكَ،
والمِحرابُ يَهْمِسُ باسمِكَ،
والحَجَرُ يُعيدُ تَشكِيلَ ضوءِهِ ليَحمِلَ حُضورَكَ.
كُلُّ حُلْمٍ يَمشي بلا خُطواتٍ،
وكُلُّ صَرْخَةٍ تَتحوَّلُ إلى وَهْمٍ يَختفي قبلَ أن يُولَد،
والسَّلامُ يَولَد قبلَ أن يُولَدَ العالَمُ،
والوُجودُ يُصبِحُ مِرآةً بلا حُدودٍ،
والأملُ يَسافِر بلا نِهَايَةٍ،
ويَظلُّ حُضورُكَ نَفَسًا بين الظِّلِّ والضوء،
يَسري فينا كأوَّل صَرْخةٍ للسَّماء على الأرض،
كضَوءٍ يَلْمَسُ قلبَ الشام قبلَ أن تشرُق الشَّمس.








