يا أيها الأربعاء…..بقلم فاضل عباس

يا أيها الأربعاء
إن مررتَ بها فلا تُعجّل الوقت،
دَعْهُ يصل معها كما يصل العطر
متأخرًا نصف خطوة
ومحمّلًا بكل ما لم يُقل.
وإن نطقتَ باسمها
فلا تُلقيه دفعةً واحدة،
اترك بين الحرف والحرف
مساحةً صغيرة
كي ينهض الهواء ويتبعها،
فهي من تلك الأرواح
التي لا تُطاردها الكلمات
بل تُرافقها في هدوءٍ خاشع.
وإن لمحتَ ظلّها فلا تُربك الضوء،
علّمه أن الانتظار
ليس وجعًا بل طريقةٌ أخرى
لأن نحبّ العالم من بعيد،
وأن الظلال
قد تكون أحيانًا أصدق من حضورٍ
لم يكتمل بعد.
وإن فتحتَ نافذةً
فلا تُدخل المساء دفعةً واحدة،
دَعْهُ يتسلل كما كانت تفعل هي
حين تقترب دون أن تُشعر القلب
بأن النبض تغيّر،
فالمساء الذي يدخلها
ليس هو المساء الذي يدخل الآخرين،
هي تمنح الليل نبرةً جديدة
وتمنح الوقت سببًا
لأن يتباطأ.
وإن سألك الوقتُ عنّي
فلا تُجبه،
فالوقت لا يفهم العائدين على مهل،
قُل له فقط إنّي أقيم في خطوةٍ
لا تبدأ إلا إذا سمعت صوتها،
وإنّي ما زلت أصل معها
حتى لو سبقتها الأيام كلها.
ويا أيها الأربعاء،
إن وصلتَ أنت قبلها
فلا تُعلن المساء…
دَعْهُ يكتمل معها،
فبعضُ الليالي
لا تُولد إلا حين تعود









