رؤي ومقالات

د. فيروز الولي تكتب :اليمني… بين نصف الحل ونشوة الوهم

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

اليمني لا يبحث عن حل كامل،
ولا يحتمل مواجهة نهائية،
هو – ببساطة – ابن أنصاف الحلول.
نصف دولة، نصف قرار، نصف وطن، ونصف مستقبل.
أما المعاناة؟ فهي كاملة بلا تجزئة.
يعيش اليمني على ثلاث نشرات أخبار: الماضي: “كان عندنا دولة”
الحاضر: “الوضع أليم”
المستقبل: “إن شاء الله”
وهذا الـ «إن شاء الله» لم يعد إيمانًا،
بل صار مخدرًا نفسيًا يُسقط المسؤولية،
ويبرر العجز،
ويؤجل الحسم إلى أجل غير مسمى.
عقلية الضحية… حين يصبح الألم هوية
اليمني يحب دور الضحية،
لأنه لا يتطلب قرارًا،
ولا يفرض مواجهة،
ولا يُحاسِب أحدًا.
ويحب دور المُضحي أكثر،
لأنه يضحي دائمًا بنفسه وأولاده،
لكن نادرًا ما يضحي بعاداته،
ولا مرة ضحّى بثقافة الصمت،
ولا بثقافة المقيل،
ولا بإدمان أنصاف الحلول.
ديوان القات بدل الدولة
في الدول تُدار السياسات في البرلمانات،
وفي اليمن تُدار في المقيل.
هناك،
بين نشوة التخزين وساعة السليمانية،
تُرسم السياسات الاقتصادية،
وتُناقش الحرب والسلام،
وتُحل أزمات دولة بحجم اليمن
بـ “شوية مخزنين”.
ثم نخرج جميعًا بنشوة نصر وهمي،
نصفق له،
قبل أن نصطدم بواقع أكثر إيلامًا من السابق.
ثقافة الاحتراب والتنازل
اليمني يعشق الاحتراب الداخلي،
ويخاف الحسم،
ويكره التنظيم،
ويرتاح للفوضى لأنها لا تحاسبه.
يرضخ باسم الحكمة،
ويتنازل باسم السلام،
ويصمت باسم الدين،
حتى تنازل عن إدارة دولة كاملة،
ولم يتنازل عن عاداته التي دمّرت هذه الدولة.
سياسة بلا شعب وشعب بلا قرار
السياسة في اليمن: بلا تفويض شعبي،
بلا مساءلة،
بلا رؤية،
بلا سقف زمني.
والشعب حاضر في الشعارات،
غائب عن القرار،
مستخدم في المعارك،
ومنسي بعد الاتفاقات.
النتيجة:
دولة في آخر قوائم العالم،
وشعب يحتفل بأي “إنجاز”
حتى لو كان على حسابه.
اقتصاد الفقر المُدار
اقتصاد بلا إنتاج،
بلا سيادة،
قائم على المساعدات،
تُدار أزماته باحتراف.
صار الفقر أداة حكم،
لا حالة طارئة،
وسيلة إخضاع لا كارثة إنسانية.
سلاح بلا دولة وأمن بلا سيادة
السلاح منتشر،
والأمن غائب،
والجيش ممزق،
والولاءات متعددة.
كل طرف يملك بندقية،
ولا يملك مشروع دولة.
الشعب يريد أن يفرح… واليمن سجن
الشعب يريد أن يفرح،
لا لأنه بخير،
بل لأنه تعب من الحزن.
لكن كيف يفرح شعب،
وشبابه موزّعون بين الزنازين؟
معتقلون لدى الشرعية
معتقلون لدى الانتقالي
معتقلون لدى الحوثي
الاختلاف فقط في الشعار،
أما الزنزانة فواحدة،
والقضية واحدة،
والضحية واحدة.
اليمن لم يعد دولة فيها سجون،
اليمن أصبح سجنًا كبيرًا لمن لا سجن له.
إعلام يهلّل وبيوت تبكي
الإعلام يحتفل،
يهلّل للاتفاقات الناقصة،
ويروّج لفرح معلب.
وفي البيوت: أم تنتظر اتصالًا،
أب يخفي دمعة،
طفل يسأل: متى يرجع أخي؟
أي فرح هذا؟
وأي وطن يُحتفل به
وأبوابه الحديدية لا تُفتح؟
السجن كأداة حكم
كل الأطراف، دون استثناء،
اتفقوا على شيء واحد:
السجن أسهل من الإقناع.
من يعارض يُعتقل،
من يسأل يُخوَّن،
من يطالب يُخفى.
هكذا لا تُبنى دولة،
بل تُدار مزرعة خوف.
الرؤية: كيف نكسر هذه الدائرة؟
كسر عقلية الضحية
تجريم الاعتقال خارج القضاء
إطلاق سراح كل المعتقلين بلا استثناء
نقل القرار من المقيل إلى المؤسسة
رفض أنصاف الحلول
بناء مشروع دولة لا مشروع سجون
الخاتمة
الشعب يريد أن يفرح… نعم.
لكن الفرح لا يُصنع بالبيانات،
ولا بالاحتفالات التلفزيونية،
ولا بالاتفاقات الناقصة.
الفرح الحقيقي
يبدأ حين يُفتح باب زنزانة،
ويخرج شاب
كان ذنبه الوحيد
أنه أراد وطنًا…
لا سجنًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock