كتاب وشعراء

لم يكن الحليبُ وحده…..بقلم بسام المسعودي

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

لم يكن الحليبُ وحده
أوّل ما سال في دمي،
كان قبله أثرُ الغيم،
وطينُ أرضٍ أنهكها الدعاء،
ورجفةُ ريحٍ حفظت اسمي
قبل أن تُتقنه شفتاي.
وُلدتُ
وفي صدري نشرةُ طقسٍ قديمة،
شتاءٌ لا يعرف الذوبان،
ومطرٌ يصل متأخرًا
مثل وعدٍ خجول.
قالت القابلة: «إنه بخير»،
لكن الوطن كان يسعل في الزاوية
ولا أحد ينتبه.
منذ تلك الليلة
وأنا أحمل في دمي
رائحةَ الطرقات الأولى،
صراخَ الحجارة حين داستها أقدام الجنود،
وهمسَ الأمهات
وهنّ يخفين الخوف في الخبز.
لم أولد طفلًا فقط،
وُلدتُ شاهداً،
كأن الوطن دسّ في مهدي
تاريخه المتعب،
وقال لي سرًّا:
«احفظني…
فأنا أنسى نفسي حين يطول الانتظار».
كبرتُ
وكان عمري يزيد
والوطن يشيخ أسرع،
كلما تعلمتُ اسمي
نسي هو أسماءَ أبنائه،
وكلما فتحتُ نافذةً للحلم
أغلقها الرصاص.
ومع ذلك،
ما زالت الريح
تناديني باسمي القديم،
ذلك الذي قيل لي
قبل أن أرى الضوء:
«أنت لم تأتِ متأخرًا،
بل جئتَ في الوقت الوحيد
الذي بقي لي».
لهذا
كلما ضاق صدري
أعود جنينًا في ذاكرة الأرض،
أضع أذني على صدر الوطن،
وأسمع نبضه يقول:
«لم نولد لننجو،
بل لنبقى…
ولو على هيئة حكاية
تقاوم النسيان».
لم يكن الحليبُ وحده
أوّل ما سال في دمي،
كان قبله أثرُ الغيم،
وطينُ أرضٍ أنهكها الدعاء،
ورجفةُ ريحٍ حفظت اسمي
قبل أن تُتقنه شفتاي.
وُلدتُ
وفي صدري نشرةُ طقسٍ قديمة،
شتاءٌ لا يعرف الذوبان،
ومطرٌ يصل متأخرًا
مثل وعدٍ خجول.
قالت القابلة: «إنه بخير»،
لكن الوطن كان يسعل في الزاوية
ولا أحد ينتبه.
منذ تلك الليلة
وأنا أحمل في دمي
رائحةَ الطرقات الأولى،
صراخَ الحجارة حين داستها أقدام الجنود،
وهمسَ الأمهات
وهنّ يخفين الخوف في الخبز.
لم أولد طفلًا فقط،
وُلدتُ شاهداً،
كأن الوطن دسّ في مهدي
تاريخه المتعب،
وقال لي سرًّا:
«احفظني…
فأنا أنسى نفسي حين يطول الانتظار».
كبرتُ
وكان عمري يزيد
والوطن يشيخ أسرع،
كلما تعلمتُ اسمي
نسي هو أسماءَ أبنائه،
وكلما فتحتُ نافذةً للحلم
أغلقها الرصاص.
ومع ذلك،
ما زالت الريح
تناديني باسمي القديم،
ذلك الذي قيل لي
قبل أن أرى الضوء:
«أنت لم تأتِ متأخرًا،
بل جئتَ في الوقت الوحيد
الذي بقي لي».
لهذا
كلما ضاق صدري
أعود جنينًا في ذاكرة الأرض،
أضع أذني على صدر الوطن،
وأسمع نبضه يقول:
«لم نولد لننجو،
بل لنبقى…
ولو على هيئة حكاية
تقاوم النسيان».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock