كتاب وشعراء

أنا أماني…..بقلم أماني الوزير

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

الشهيرة “ببنت الوزير” أو “أمّ عيون زرق”.
تعلّمتُ الشعر حين قَيّدوا قلبي بصخرةٍ ألقوها في جحيم الواقع،
فتفحّم الحلم،
واحترق حتى المرارة.
حين تضيق بي الدنيا، أفتح نافذةً في بيت القصيد،
تطلّ على نهر كلماتٍ… تتموّج كالحرية.
وحين أشعر بالبرد، أدخّن سيجارةً من عودِ قرفةٍ محشوّةٍ بالأمل،
أُشعلها بذاكرةٍ دافئة، لا لتحرقني،
بل لتُذكّر الجسد أن الشتاءَ حالة… لا قَدَر.
أنا ابنةُ البيوت التي تعلّمت كيف تُخفي ارتعاشها داخل التطريز،
وكيف تضع الرغبة في جرارٍ فخاريةٍ مُحكَمة الإغلاق،
لا لأنها خطيئة،
بل لأن القداسة لا تُقدَّم عاريةً في الأسواق.
كبرتُ وأنا أرى المعاني تُربَط بأجساد النساء
كما تُربَط التمائم في أعناق الأطفال؛
لا لتحميهم،
بل ليطمئنّ الكبار إلى استمرار الطاعة.
تعلّمتُ أن أكون هادئةً بما يكفي كي لا أُكسَر،
وحادّةً بما يكفي كي لا أُستَعمل.
لي جسدٌ يعرف كيف ينسحب قبل اللمس،
وكيف يترك أثره قبل الرحيل،
ولي نظرةٌ لا تفضح نفسها،
لكنها تُربِك… تُربِك حتى من يظنّ أن السيطرة تبدأ من الصوت
وتنتهي بالأوامر.
أعرف أن النقاء ليس امتناعًا،
وأن السقوط ليس حركة،
وأن الدلال، حين يُدار بوعي،
يتحوّل من زينةٍ إلى سلاحٍ ناعم؛
يُربّت على الكتف بيد،
ويُعيد ترتيب موازين الغرفة باليد الأخرى.
أُغيّر الشراشف التي نام عليها الحزن باكيًا،
ليُزهر الصباح بابتسامة دفء،
مع أول شعاع شمس
يعانق ظلّي في غرفةٍ ليست فردية.
أنا التي تُصلّي دون استعراض،
وتُغوي دون وعد،
وتُحبّ دون استهلاك؛
تترك العطر في الممرّ… وتعبر،
وتترك السؤال في الرأس…
ولا تعود لتجيبه.
علّمتني التجربة الوجدانية
أن الأنوثة ليست طلبًا، بل عرضُ وجود،
وأن الصمت، حين يكون مقصودًا،
يُصبح لغةً أعلى من الخُطب،
وأشدّ فتكًا من الاعتراف.
في اللحظة التي أختار فيها السكون،
لا أكون قد انسحبت،
بل أكون قد أشعلتُ الداخل على مهل،
وتركتُ العالم يكتشف – متأخّرًا –
أن الإيماءة التي لا تُرى
هي الأطول عمرًا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock