فيس وتويتر

شريف يونس يكتب :هيكل 3D

ما أعرفش حد شاف دبي، وماسمعتش نقلا عن ناس سافرو دبي، إلا واستبشعوها. هي مكان عظيم للبزنس، وأظن إنها من أغنى مدن العالم، لكن عبارة عن هيكل 3D، زي ما تكون مرسومة بالكمبيوتر، تتفرج عليها وتنبهر زي لما تروح ديزني لاند كدا. زيارة وتروّح بيتكم، لكن الحياة فيها لا تطاق. مدينة بلا حياة. حتى الأوربيين اللي راحو دبي وعاشو ولو لفترة قصيرة في القاهرة، بالنسبة لهم مافيش مقارنة أساسا، ولصالح القاهرة بالطبع، وخصوصا منطقة وسط البلد والأحياء المجاورة. مدينة تطفح بالحياة.
تطوير وسط البلد لأهداف سياحية مشروع من حيث المبدأ سليم، لكن أنا مش عارف إيه المقصود بالظبط بتطويرها، ولا إيه التصور المحطوط. ما يشاع عن إنه حايتم تطويرها بحيث تكون زي دبي، دي تبقى كارثة معمارية وحضارية. دبي قامت في صحراء جرداء من اللاشيء. واللي ينفع يبقى فيه شبه منها، إلى حد ما، لكن لو بالظبط تبقى كارثة برضو، العاصمة الإدارية الجديدة، اللي بتتبني من المافيش. لكن بالتأكيد مش القاهرة اللي كانت عاصمة إمبراطوريات ولسا لحد دلوقت قلب البلد والمنطقة كلها رغم فقر البلاد وثروة البترول وما أشبه. بالذات بالنسبة للمدينيين المصريين، اللي هما أكتر من نص عدد السكان، وللزوار العرب أيا كانت البلد اللي جايين منها.
وحانروح بعيد ليه؟ قارنو بين وسط البلد والأحياء القديمة، حتى الفقيرة (لكن مش العشوائيات الحديثة)، وبين مدينة نصر مثلا، أو الكومباوندات. وسط البلد فعلا قلب المدينة النابض. زحمة علشان حيوي، ناس كتير بتروحه من غير ما يكون عندها شغل هناك. وهي في دا شبه باريس في العراقة والأصالة، مش بوسطن مثلا.
[إضافة] كمان فكرة إنها تبقى ملائمة للسياح فكرة غبية، فضلا عن كونها عنصرية مقيتة. وسط البلد هو مركز البلاد كلها، مركزها الحيوي مش الإداري، وقيمتها إنها مقصد “سياحي” للقاهريين وللمصريين عموما، زي ما قلب باريس مقصد “سياحي” لأهل باريس وضواحيها وللفرنسيين. والزوار بينبهرو بسبب جوها الفرنسي، مش علشان “معمولة للسُواح”. ودا بالظبط وضع وسط البلد في مصر والمنطقة والعالم. فلو اتحولت كل مقاهيها لكافيتريات آخر موديل، مثلا، تبقى كارثة معمارية وإنسانية، مش تطوير.

زر الذهاب إلى الأعلى