رؤي ومقالات

طه خليفه يكتب :قطر .. والقاعدة العسكرية الأمريكية..!

** سيادتك، وأنت لا تمل من توجيه النقد لـ قطر، والهجوم عليها، لوجود قاعدة عسكرية أمريكية فيها، اسمها (العديد).. لماذا أنت تصمت، أو تتجاهل، أو لا تبحث لتعلم أن القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في البلدان العربية، وعلى رأسها بلدان الخليج، أسبق من قطر بسنوات، وعقود من الزمن.
** مثلاً، التفاهمات والاتفاقات العسكرية بين أمريكا والبحرين وتواجد قوات في المنامة يعود إلى عام 1948.
** هل تعيد قراءة هذا التاريخ لتتيقن أن التعاون العسكري عبر القواعد والقوات بين البلدين عمره اليوم 77 عاماً .. أما العلاقات العسكرية والقاعدة الأمريكية في قطر فإن عمرها أقل من 30 عاماً.
** البحرين، السعودية، الكويت، الإمارات، عُمان .. خمس دول خليجية سبقت قطر بوجود قواعد أمريكية فيها، وتعاون عسكري مزدهر، وقطر الدولة الخليجية السادسة في هذا المجال.
** هل تعلم أن الإمارات فيها قاعدة عسكرية فرنسية، بجانب القواعد الأمريكية .. ما رأيك؟.
** العراق، الأردن، تركيا، سوريا، إسرائيل نفسها، فيها قواعد عسكرية أمريكية.
** مصر ليس فيها قواعد أمريكية، وهذا أمر مؤكد.
** إذن، لماذا الإصرار على إبراز الوجود العسكري الأمريكي في قطر فقط وكأنها البلد الوحيد عربياً وشرق أوسطياً الذي تتواجد فيه قاعدة أمريكية، وهى كبيرة بالمناسبة.
** تعالى إلى نقطة مهمة جداً ربما تكون غائبة عن ذهن سيادتك ..
** لا تبالغ في مسألة الأمن القومي العربي، فالعربي قبل الأمريكي، هو من انتهك الأمن العربي، وكسره وهشمه ودمره، وهو ما تسبب في حالة ذعر خليجي بالذات، ودفع البلدان الستة لطلب الدعم والحماية من الأمريكان أو المزيد منها عبر تشييد قواعد وعسكرة جنود وتخزين عتاد وفق اتفاقات رسمية..
** العراق غزا الكويت، واحتله عام 1990، وكانت تلك جريمة كبرى، ونكبة عظمى للأمن القومي العربي الجماعي، وللأخوة العربية، ولو لم يكن تم إخراج العراق بالقوة العسكرية من الكويت، لما كان غادرها حتى اليوم، ولكان اتجه بعدها للسعودية وقطر والإمارات والبحرين وابتلع هذه البلدان تدريجياً.
** وهذه خطيئة لا تٌغتفر للديكتاتور الغبي صدام حسين.
** وبعد احتلال الكويت، فإن الدول الخليجية التي كان لها علاقات مستترة مع الأمريكان حولتها إلى علاقات علنية، وعززت التعاون العسكري مع واشنطن لحماية دولها وشعوبها ومواردها.
** والحقيقة أن هذه الدول لاتُلام فيما فعلته .. فمن هى الدولة العربية القادرة على توفير الحماية للخليجيين؟. لا توجد. وماذا تنتظر هذه البلاد بعد أن غزت دولة عربية دولة شقيقة لها وحولتها إلى المحافظة رقم 19؟. الواقع أنها ستبحث عن الحماية مهما كان مصدرها.
** قطر سيادتك تعرضت مرتين لمحاولة الغزو والاحتلال من دول خليجية عام 1995، لكن المحاولتين فشلتا ..
** وكان الهدف إسقاط النظام الحاكم الجديد بقيادة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي تولى الحكم وعزل والده في يونيو 1995.
** لن نتحدث كثيراً عن هذا التغيير، لكن كل دول الخليج شهدت، ولا تزال تشهد، تغييرات داخلية في الحكم مما يُسمى إنقلاب قصر، ليست قطر وحدها، بل الكل سواء في ذلك.
** وكذلك الدول العربية غير الخليجية، كلها لم تعرف التغيير الديمقراطي السياسي السلمي، حتى الربيع العربي فشل أو تم إفشاله في بناء ديمقراطيات ناشئة.
** امسك ورقة وقلم وراجع تاريخ الحكم في كل بلد عربي بعد خروج المحتل الأجنبي منه ستجد أهوالاً في نمط الحكم الوطني، وفي طبيعة التغيير بالقوة.
** ماذا تتوقع من قطر عندما يتحرك أشقائها عسكرياً لإسقاط نظام حكم جديد مهما كانت طريقة وصوله للسلطة؟.
بالطبع ستبحث عن حماية أجنبية ضد محاولات التدخل والغزو والاحتلال من إخوانها وجيرانها العرب.
** أضف إلى معلوماتك أن قطر كادت تتعرض للغزو مجدداً في يونيو 2017 عقب فرض الحصار الرباعي العربي عليها.
** كانت الخطة جاهزة، وكان التدخل قاب قوسين أو أدنى من قوات خليجية، لولا الراحل الواعي الذكي الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت الذي قال في مؤتمر صحفي علني إنه أوقف التدخل في قطر.
** وكان الهدف إطاحة حكم الشيخ تميم، ابن الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة، ليكون بذلك أن الأب والابن كانا في وارد الانقلاب الخارجي عليهما والإطاحة بهما.
** ماذا تتوقع من قطر بعد المقاطعة العربية والحصار ومحاولة تغيير الحكم؟.
** اتجهت لتعزيز علاقاتها الدفاعية مع الأمريكان، وقامت بتنشيط معاهدة تعاون عسكري (كانت نائمة) مع تركيا، وأُقيمت قاعدة عسكرية تركية في قطر حيث ساهمت في ردع أي مغامرة تدخل جديدة في هذا البلد.
** سأكتفي بهذا القدر رغم إنه لدى شرح وتفصيلات واسعة، وسيادتك فكر فيما كتبته، وقم بمراجعة المعلومات الواردة هنا، واتفق أو اختلف معي، فأنت حر، لكن لاتعاند، ولا تناكف، ولا ترفع شعارات، وكلام لا محل له من الإعراب في ظل واقع عربي أليم مؤلم..
** ومن حقك أن تنسف كل ماذكرته هنا، لكن بالمعلومة والحجة والدليل والبرهان مستنداً لحقائق الواقع على الأرض، وساعتها سأصفق لك كثيراً.
[ قناعتي، باعتباري عربي قومي أيضاً، أنني ضد القواعد والتواجد العسكري الأجنبي في أي بلد عربي وإسلامي، لكن الواقع يفرض شروطه بقسوة، وليس كل ما يتمناه المرء يجده].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى