رؤي ومقالات

فراج إسماعيل يكتب :هل يجري تشكيل الشرق الأوسط الجديد على نموذج حلف بغداد في الخمسينيات؟..

كان الهدف وقتها منع التمدد السوفييتي من الوصول إلى مصادر النفط والطاقة.. وكانت بريطانيا التي تزعمت الحلف الذي تكون من تركيا وإيران وباكستان والعراق، تستورد 90% من احتياجاتها النفطية من الخليج.
فشل حلف بغداد في ظل رفض الشعوب العربية له. استعاض عنه الرئيس الأمريكي آيزنهاور بما يسمى عقيدة أو مبدأ ايزنهاور، وهو إمداد دول المنطقة بالدعم العسكري إذا واجهت تهديدا. وكان الرئيس اللبناني كميل شمعون أول من طلب هذا الدعم في مواجهة المعارضة التي كانت تحظى بدعم عبدالناصر وسوريا، ووصلت قوات المارينز بالفعل إلى مرفأ بيروت باسم “الخفافيش الزرق”.
زيارة ترامب للخليج تهدف لمنع وصول الصين إلى الشرق الأوسط وتحديدا دول النفط. تجمع غير معلن على الورق يفترض أن رأس الحربة فيه هي إسرائيل.. وتسري عليه عقيدة آيزنهاور.. أي إمداد دول الخليج بترسانة من الأسلحة المتقدمة التي تقربها من نوعية التسليح الإسرائيلي، باعتبار أنها لن تدخل في حرب ضدها.
في الوقت نفسه نقل مصادر الذكاء الاصطناعي إلى الخليج، ويتمثل في تصدير الرقائق الإلكترونية إلى الإمارات، وهي شرائح الذكاء الاصطناعي التي تنتجها شركة إنفيديا، وتفرض واشنطن قيودا على تصديرها.
وباعتبار أن مواجهة المد الصيني في الوقت الحالي يختلف عن مواجهة المد السوفييتي في الخمسينيات الذي كان يهدف لإنشاء قواعد وملاذات عسكرية، فإن التحالفات الجديدة أو الشرق الأوسط الجديد يتم هندسته للتصدي للمد التكنولوجي الصيني، وتتركز المواجهة على جبهة الذكاء الاصطناعي.
رقائق إنفيديا «H100» محظور بيعها لأي شركة أو دولة إلا بعد موافقة الحكومة الأميركية، لأنها مسألة أمن قومي للولايات المتحدة.
كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن منعت مبيعات بعض الرقائق الدقيقة الأكثر قيمة من شركة إنفيديا Nvidia إلى الإمارات وسط مخاوف متزايدة من وقوعها في يد الصين وبالتالي وصولها إلى موارد الذكاء الاصطناعي المهمة.
ومع ذلك يثير نقل هذه التكنولوجيا المتطورة إلى دول الخليج، قلق المنظمات الحقوقية من استخدامها ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وتكثيف المراقبة غير القانونية.
مبدأ ترامب هنا بالقباس على مبدأ آيزنهاور في الخمسينيات يستهدف التفوق الرقمي الصيني وطموحها للتحول إلى قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي.. ومن ثم فإن وصوله إلى الخليج والشرق الأوسط يحرم الصين من التمدد في منطقة مهمة للنفوذ العسكري والاقتصادي الأمريكي ويقطع طريق الحرير الصيني.
في 17 أكتوبر الماضي عبر وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن عن ذلك التنافس قائلاً “نحن عند نقطة انعطاف… لقد وصل عالم ما بعد الحرب الباردة إلى نهايته، وهناك منافسة شديدة جارية لتشكيل ما سيأتي بعد ذلك. وتكمن التكنولوجيا في قلب هذه المنافسة”.
إذاً الشرق الأوسط الجديد وما جرى في زيارات ترامب الخليجية لا يعني جبهات عسكرية لمحاربة إيران. موضوع إيران انتهى بنهاية وكلائها في المنطقة.. وغير وارد الهجوم الأمريكي عليها بسبب مشروعها النووي، بتدخل أمير قطر وهو ما قاله صراحة ترامب خلال زيارته الدوحة.
الهدف هو الصين…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى