السفير فوزي العشماوي يكتب :قمة بغداد

شهدت القمة العربية التي عُقدت في بغداد يوم ١٧ مايو أقل حضور من جانب القادة العرب في تاريخ القمم العربية، اذ لم يحضرها سوي ٦ رؤساء للدول علي رأسهم العراق المضيف والرئيس السيسي وأمير قطر وقادة موريتانيا والصومال واليمن وفلسطين، وكان غياب قادة دول الخليج هو الأكثر لفتا للإنتباه خاصة السعودية والامارات والكويت وعمان، بالإضافة بالطبع لقادة الاردن ودول المغرب العربي الثلاثة وليبيا، في حين حضر سكرتير عام الامم المتحدة وكذا رئيس وزراء أسبانيا ومبعوث الرئيس الروسي والاتحاد الاوربي ..
تعددت الأسباب والتكهنات وعلامات الإستفهام عن أسباب ذلك وتداعياته :
اولا : ربط الكثيرون بين هذا الغياب وأوضاع الدولة العراقية المستضيفة للقمة وهي أوضاع هشة ومازالت تتسم بالسيولة، وتزامن انعقاد القمة مع زيارة معلنة لبغداد لرئيس فيلق القدس الايراني إسماعيل قاآني في إشارة لإستمرار هيمنة إيران علي القرار العراقي وإفتقاد الاخيرة لقرارها السيادي في ظل تغول الميليشيات علي حساب الدولة، يضاف لذلك النزاع الحدودي القائم بين العراق والكويت علي ميناء خور عبد الله
ثانيا : ذهب محللون آخرون للربط بين زيارة ترمب وفشل القمة، خاصة وأن القرارات والسياسات في المنطقة أصبحت تتم في اللقاءات الثنائية والثلاثية والسداسية بين الدول المؤثرة والتي تمتلك رؤي مشتركة او ذات تأثير مهم علي الأوضاع في المنطقة بعيدا عن مكلمات القمم، وهو ماحدث في القمة الخماسية بالرياض التي سبقت قمة القاهرة الطارئة في فبراير الماضي، وهو نهج يفضله بلاشك قادة السعودية والامارات وقطر ومصر، وأثار حفيظة وغياب دولة مهمة كالجزائر وغضبا تونسيا وتباعدا مغربيا
ثالثا : يمكن القول أن القمة هي مجرد حلقة بائسة جديدة في سلسلة التعامل العربي المخجل مع قضية فلسطين المركزية، حيث تجد بعض المواقف والكلمات من قادة اوربيين وافارقة ومسلمين أقوي من الكلمات والبيانات والمناشدات العربية التي تضعف القضية وتظهرها قضية بلاسند من أصحابها والمتأثرين بها
رابعا : حظيت كلمة الرئيس السيسي بالاهتمام العربي والعالمي، خاصة في إنتقاده الحاد واللاذع وربما غير المسبوق لإسرائيل، وتأكيده المهم واللافت أنه حتي لو طبعت إسرائيل مع كل الدول العربية بدون حل القضية الفلسطينية فلن يكون هناك سلام او تعايش، وهو موقف مبدئي مصري مهم وجاء في وقته لمواجهة عديد الخطط والتكهنات
خامسا : وهو الأهم، شطح البعض بتفكيره إلي ان القمة تعد تدشينا لعملية تغيير وشيك في القيادة المصرية، بسبب رفضها لمخطط التهجير القسري الصهيوني لسكان غزة، ماأثار غضبا أمريكيا إنعكس حسب وجهة نظرهم علي مواقف ترمب من السيسي الذي رفض التهجير ورفض زيارة واشنطن، ماأدي لإقتصار زيارة ترمب علي دول الخليج واغفلت مصر الدولة المحورية في المنطقة في سابقة ذات دلالة، وأن هذا التغيير يشابه من وجهة نظرهم ماحدث مع الرئيس الاسبق مبارك في عام ٢٠٠٥ حينما رفض مشروعا مشابها للتهجير، وأنه ربما يلقي قبولا خليجيا ..
الخلاصة أن القمم العربية السابقة كانت تحظي بضحة وإهتمام دون تأثير، ووصلنا إلي أنها فقدت كلا من الاهتمام والتأثير معا، فلايكاد يدري بها أحد أو يتابع قراراتها !