كتاب وشعراء

الأرواح المرئية ” ١ “……بقلم نعمان رزوق

وحيدٌ أنا ..
لكنني أتقنُ الطقوس الجماعية ،
أُشعلُ شمعةً لمن غابوا
و أرتّبُ غطاءَ السريرِ
كأن أحداً سيعود ،
أعلّقُ الوقتَ على مسمارٍ صدئ
و أراقبُهُ يتأرجح
كذكرى
لا تريد أن تسقط عن السقف ،
و أجلسُ طويلاً .. طويلاً
أمام مرآةٍ لا تُجاملني
حين أشيخُ فيها بلا ضجيج
و أشكرها ..
لأنها لم تغادرني هي أيضاً .
أُحدّثُ جدرانَ البيت
عن الحربِ
و عن السلام ..
عن الأطفال الذين كبروا بسرعة ،
عن طائراتٍ مرّت
و تركت هديرها في صدري .
وحيد أنا ..
لكنني أُتقنُ البقاء
كشجرةٍ خائفة
في رياحٍ لا اسمَ لها .. و لا اتجاه ،
وحيدٌ جداً ..
لكنني لا أزال أزرعُ ورداً في الحلم
رغم أنني لا أملكُ تراباً
و لا نافذةً تطلُّ على الغد .
أُحاورُ الليلَ
كأنّهُ صديقٌ غادرني متأخراً ..
أقول له :
” خذني ، أو
اتركني نائماً بلا أسئلة ” .
أُراقبُ الغبارَ
و هو يبني مدينةً صغيرة
على كتبي و أصابعي
كأن الحياة لا تحتاجُ سوى نسيانٍ طفيف
لتبدأ من جديد .
وحيدٌ أنا
لكنني لا أشكو ..
تعلّمتُ أن الوجعَ
حين يُقال
يصيرُ جداراً جديداً بيني و بين من أحببت ،
ففي هذا البيت
أعرفُ كيف أسمعُ المطر
و هو يعتذرُ للشجرة عن الجفاف
و كيف تهمسُ الجدران
بأسماءٍ لا يعرفها أحد ..
تلك التي أحاولُ جاهداً أن أُعلّقها كأجراس على الأرواح المرئيةِ
التي أناديها ..
ساعةَ لا تكترثُ بي ،
مع أنها تَقطن هذا اللاشيء الأسود
معي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى