رؤي ومقالات

مريم نعمي تكتب :لبنان أمام تصعيد خارجي أم داخلي؟

لبنان، منذ تاريخ ٧ تشرين الثاني، دخل مرحلة جديدة تُعتبر أنها المرحلة الأخطر في تاريخ صراعاته العسكرية والسياسية، حيث يشهد لبنان ضغوطات عسكرية وسياسية لم يشهد لها مثيلًا.
لم يكن لبنان يومًا بمنأى عن الأطماع الإسرائيلية ولا عن الضغوطات الخارجية، لكن استطاع لبنان بفضل قوّة ردعه أن يظلّ متماسكًا وقويًّا ويفرض قراراته وشروطه على الخارج.
وما زال إلى الآن يُصارع، رغم أن لبنان، بعد وقف إطلاق النار، أصبح جزء من أراضيه تحت الاحتلال الإسرائيلي، وإن كانت عبر مواقع.

فقد لبنان سيادته الجوية، المُتمثّلة بالحرية العسكرية الإسرائيلية، حيث باتت الطائرات الحربية تدخل الأجواء اللبنانية ساعة ما تشاء، وتُنفّذ عمليات عسكرية بحق المواطنين اللبنانيين، تُدمّر بيوتًا وتَجرف طرقات.
أصبح المطار الدولي تحت الوصاية الأميركية والإسرائيلية.
حتى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اللبنانية تمّ تعيينهم من قبل أميركا وحلفائها من العرب.
فقد لبنان سيادته وأجزاء من أراضيه وحريته الداخلية، بل أصبح مُطالَبًا أيضًا بأن يدخل الاتفاقات الإبراهيمية، وأن يُصبح بلدًا منزوع السلاح، مُدمَّر القدرات، كما حصل مع سوريا.

ومنذ فترة، استلمت الحكومة اللبنانية من أميركا، عبر مبعوثها توم باراك، ورقة تتضمّن نزع السلاح بالكامل، والسلام مع إسرائيل.
استلم باراك الرد من الجانب اللبناني، المُتمثّل بردّ حزب الله، أنّه لا يوجد نزع للسلاح ولا سلام مع إسرائيل.
على إسرائيل الانسحاب من النقاط الخمسة، ووقف الاعتداءات الدائمة، وإعادة الإعمار.
ليأتي الرد من المبعوث الأميركي: أن الهدنة بين لبنان وإسرائيل فشلت، وأنّ أميركا لا تستطيع منع إسرائيل من التصعيد، وأنّ ترامب أعطى فرصة ذهبية للبنان لينقذه.

تملّصت أميركا من مسؤوليتها أمام الجانب اللبناني، لأنها هي المُترأّسة اللجنة الخماسية، مما يُعطي إسرائيل الآن ضوءًا أخضر من أميركا من أجل توسيع عملياتها.
وبشأن حزب الله، أقرّ توماس أنّه حزب لبناني، ولا تستطيع أميركا نزع سلاحه بالقوة، بل على اللبنانيين القيام بذلك الأمر، مُحرِّضًا اللبنانيين على القيام بهذه الخطوة.

تشير المصادر إلى أن لبنان أمامه ساعات خطيرة، قد تنتهي بتصعيد كبير من الجانب الإسرائيلي.
فهل أصبحت كل طرقات لبنان تقوده إلى الحرب؟ سواء كانت حربًا خارجية أو داخلية؟
هل لبنان أمام حرب كبرى تُسانده فيها أطراف وحلفاء لحزب الله؟
هل نحن أمام مفاجآت يحسمها فيها الميدان لصالح حزب الله؟
هل أخطأ خصوم الحزب داخليًا في تقديراتهم حول قوّة حزب الله؟
هل لبنان أمام تصعيد إسرائيلي، أم أمام مشاكل داخلية وصراعات أهلية؟

مما لا شك فيه أن الأمور خرجت عن السيطرة، ولا يمكن للبنان التقدّم أو الرجوع إلى الوراء.
لبنان بين خيارين: إمّا الاستسلام لأميركا وإسرائيل، أو الحرب. وكان خيار مقاومة لبنان دائمًا هو عدم الاستسلام.

نحن أمام مرحلة دقيقة تتضمّن معطيات معقّدة.
المطلوب: رفع الوعي، والالتفاف حول مصلحة لبنان، وعدم التعاون مع الخارج من أجل تنفيذ حسابات سياسية وأحقاد مدفونة.
يجب التمسّك بالأرض أمام هذه التهويلات والمخاطر الحقيقية.
يجب أن تكون هناك وحدة وطنية في الموقف، والانتماء لرفض الاحتلال، ليبقى لبنان شامخًا وعصيًّا كما كان، على الاحتلال.

مريم محمد نعمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى