كتاب وشعراء

أربعةُ أرغفةٍ من الضوء…..بقلم محب خيري الجمال

أربعةُ أرغفةٍ من الضوء… وامرأةٌ لا تعتذر ( 2)
يا….
حين تبتسمين
يرتجّ معدنُ الأرضِ في أفواهِ مناجمها،
وتنكسرُ الشُرُفات القديمة على صدركِ كقوارب غجرية
ضربتها النبوءةُ الأولى.
أنا الخارج من ساعة حائطٍ لا تعمل،
أعطاني الزمنُ ظهرهُ،
فمشيتُ فوقهُ كما تمشي اليماماتُ على الأسلاك
خائفة، لكن بأناقة انتحارية.
كنتُ أركضُ خلف صوتكِ،
لا لأمسكه، بل لأفهم:
كيف يمكن للحنجرةِ أن تُعلّم الريحَ معنى الحنين؟
رأيتكِ مرةً
في مرآة حمّامٍ في قصرٍ مهجور
كنْتِ تُفرشين أحزانكِ بمعجون أسنانٍ بنكهة النعناع،
وتبكين كأن الرُموشَ أعوادُ كمنجة،
وأنفكِ آلة وترية لا تجيد إلا النوْح!
أنا خريجُ جامعةٍ نسيت أن تطبع اسمي في شهادتها،
فتعلّمتُ النسيان من تلقاءِ نفسي،
وتخرجتُ في حقل عباد الشمس،
كنتُ أحاضرُ في نحلٍ لا يفهم اللغة،
وأختبرُ غيمةً في فقه الماء.
أحببتُكِ لأنني لم أجد غيركِ
يتقنُ فنَّ التبخّر على مائدةٍ لا أحد يجلس إليها!
لأنكِ تكتبين على جدران جسدكِ:
هذا المكانُ لا يصلحُ للّمسِ إلا بخيالٍ معقّم.
اسمعيني جيدًا،
أنا لا أبحث عن عمل،
ولا عن سقفٍ براتبٍ شهري،
أنا فقط أريد من الليل
أن يسمح لي بركوب ظلكِ دون أن أستأذنك.
هل تعلمين؟
مرةً، ضحكتِ،
فأُصيب قلبي بعطاسٍ مزمن،
واحتاجَ لمضادٍ حيوي اسمه: فستانكِ الأبيض
الذي ارتديتِه حين دفنتِ حبًا قديمًا
في ثلاجة مشفىً عاطفي.
أنا الذي لم أُغنِّ يومًا بصوتي،
لكنني حين أفكر بكِ
تصعدُ من حلقي أغنيةٌ من عُظمٍ مكسور
أخبّئهُ دائمًا في جيب سترتكِ،
حين تتركينها على كرسي الوداع
ولأنكِ لا تؤمنين بالنهايات،
سأترك هذه الصفحةَ مفتوحة
مثل نافذة في بيتٍ مهجور،
لعلّ الريح تدخل
وتكتب عنّا شيئًا
أو تمزّقنا بنعومة،
كضربة كرباج من حريرٍ مُبلّل بالشك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى