السفير أيمن زين الدين يكتب :مناورات وقف إطلاق النار.

فى هذه اللحظة، يبدو لى أن نتنياهو حريص على وقف إطلاق النار من غير أى ضغط أمريكى، ليس بهدف تبادل الأسرى فى المقام الأول (فهذا موضوع يهمه طبعاً، لكنه ليس أولويته)، وإنما لأن استمرار الحرب أصبح ضرره أكبر من نفعه له، فهو لا يعد بمكاسب كبيرة، بينما يهدد بتراجعات متزايدة، سواء بسبب استمرار نزيف الخسائر البشرية، أو للتكلفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الباهظة والمتصاعدة….. والحقيقة أن خطة نتنياهو هى أن يوقف حرب غزة ويستعيد من يستطيع استعادته من أسرى ثم يدعو إلى انتخابات عامة وهو فى قمة نجاحه، على خلفية مشهد النصر العظيم الذى تحقق فى إيران (على الأقل فى عيون الإسرائيليين)، وقبل أن يؤدى استمرار القتال إلى تلاشى هذه الصورة، ليطغى عليها مجددا مشهد الفشل فى غزة منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى خسائر بيت لاهيا وخان يونس…..
لكن نتنياهو يحاول أن يكون وقف إطلاق النار بشروطه هو، ليمكنه ادعاء النصر وكسب شعبية وسط قواعد اليمين، وذلك بتغيير جغرافيا قطاع غزة بشكل جذرى، وفرض وجود إسرائيلى طويل الأجل فى مناطق كبيرة منه، وإنهاء حركة حماس عسكريا وسياسياً………. لتحقيق ذلك يعبئ نتنياهو أكبر قدر من الضغوط الأمريكية على حماس لتسقط مطالبها بأن يشمل وقف إطلاق النار إنسحاب القوات الإسرائيلية، كما يزيد من كثافة ووحشية القصف على القطاع، أملاً فى إضعاف موف حماس فى المفاوضات….
مشكلته أن حماس تفهم ذلك تماما، لكتها ترفض هذه الشروط، وبوجه خاص ما يتعلق ببقاء الاحتلال الإسرائيلى فى غزة، حتى لو ترتب على رفضها هذا تأخير وقف إطلاق النار، لا سيما وانها مقتنعة أن الوقت لم يعد يلعب فى صالح حكومة إسرائيل، فالخسائر الفلسطينية لن تزيد عما خسرته بالفعل، بينما تتزايد الضغوط على إسرائيل، داخلياً وخارجياً……
هذه المواقف، واستمرار نزيف الخسائر الإسرائيلية، هى التى تفسر استمرار المفاوضات حتى الآن، وتصاعد شدة القصف الإسرائيلى فى غزة، والضغط الأمريكى على حماس لتأجيل المطالبة بالانسحاب الإسرائيلى، وتمسك حماس بموقفها…..