حمزه الحسن يكتب: الجماعات الخارجة على القانون: إختراع شرير

مفهوم وفكرة “الجماعات الخارجة عن القانون” هي التجسيد الحقيقي للجيل الرابع من الحرب Fourth-generation warfare ، أي حروب الوكالة، سواء بخلق ودعم هذه الجماعات ” الخارجة عن القانون” أو من خلال خلق البيئة والمناخ والفوضى وإضعاف وانهاك وحتى اسقاط الدولة المركزية.
في المحاضرة التي القاها البروفسور ماكس مانوارينج خبير الاستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات التابع لكلية الحرب الأمريكية،
ومكان المحاضرة اسرائيل في 13 آب، أوغست، 2013،
لضباط كبار في حلف الناتو وتم تهريب المحاضرة سراً تتكشف بوضوح
كل الغاز الخراب الحاصل في المنطقة منذ سنوات،
وهو ايضاً خبير” الجيل الرابع من الحرب”،
وبتعبيره الواضح إن اسلوب الحروب التقليدية صار قديماً والجديد هو الجيل الرابع من الحرب وحرفيا يقول:
” ليس الهدف تحطيم المؤسسة العسكرية لإحدى الأمم أو تدمير قدرتها العسكرية،
بل الهدف هو: الإنهاك ــــ التآكل البطيء ــــ لكن بثبات،
والهدف هو ارغام العدو على الرضوخ لارادتك”.
ويضيف حرفياً:
” الهدف زعزعة الاستقرار وهذه الزعزعة ينفذها مواطنون
من الدولة العدو لخلق الدولة الفاشلة. ما يهدد فكرة سيادة الدولة العدو، يقول هو التحكم باقليم خارج سيطرة الدولة تتحكم به مجموعات غير خاضعة للدولة، محاربة وعنيفة وشريرة، حرفياً، وهنا نستطيع التحكم، وهذه العملية تنفذ بخطوات ببطء وهدوء وباستخدام مواطني دولة العدو،
فسوف يستيقظ عدوك ميتاً”.
الانهاك والتآكل البطيء وخراب متدرج للنفوس والمؤسسات والقيم والمجتمع بدل السقوط السريع الذي يحافظ على مؤسسات واخلاق ونفوس يقظة لكن هذا الاستنزاف يمر في مراحل طويلة وفي معارك متنقلة وتحريك جبهة وتهدئة أخرى وجعل الدولة تركض خلف أشباح وتُنهك وتركع ويتم توزيع السلاح على كل اطراف الصراع،
لكي يستيقظ العدو، أي نحن والسلطة والمجتمع موتى مع التحكم بمراحل الازمة ــــــــــــــ إدارة الأزمة وليس حلها ـــــ كالولادة والشدة والقوة والذروة ثم النهاية لكن كل مرحلة تستغرق زمنا محددا حسب المكاسب وفي النهاية تظهر الولايات المتحدة وتحالفها بدور حمامة سلام لانهاء الازمة وهذا هو النفاق بأقذر صوره. الأزمة لن تنتهي هنا وهناك بل هي مؤجلة ومتنقلة لأنها ستؤدي في النهاية الى مشروع تقسيم او تفتيت الدول الى كيانات عرقية وطائفية ومناطقية.
فكرة الجماعات الخارجة على القانون هي إحياء لنظام المقاطعات الاوروبية والدوقات للسيطرة والتحكم بطريقة حديثة وفعالة، وعادة ما يكون ذلك بعد حرب وحصول فراغ كبير منظم، وأوضح الأمثلة حرب افغانستان تحت السيطرة السوفيتية،
وحرب البلقان وحروب العالم العربي اليوم، المؤرخ البريطاني اليساري أريك هوبزباوم مؤلف :
” عصر الامبراطورية، عصر الثورة، القرن الجديد، عصر رأس المال،
إختراع التقاليد، كيفية تغيير العالم وغيرها”، بحث في تاريخ ولادة الارهاب والكيانات والجماعات الطرفية المسلحة خارج السلطة، وخلال تتبع تاريخ البشرية كمؤرخ ومفكر نزيه،
توصل الى قناعة تامة في ان احياء ولادة الميليشيات المسلحة خارج سيطرة السلطة المركزية عمل منظم ومحسوب من حلف الناتو إما بالدعم المباشر،
أو خلق ظروف دولة فاشلة منهكة من أعباء ثقيلة.
هذه الاستراتيجية مستمرة ومعلنة وممارسة في سوريا والسودان وليبيا وفي العراق من خلال منظمات ارهابية أو من خلال” جماعات خارجة على القانون” في اقليم وخارج السلطة المركزية من محاربين شرسين عنيدين يقومون بين وقت وآخر بعرقلة بناء دولة قوية ومشاغلتها بتدرج.
المناورة بالأزمة من خلال إسلوب التسخين والتهدئة مثل اشعال جبهة الأنبار ثم التسكين الى إشعال جبهة الموصل والخ،
وفي سوريا تحريك جبهة اللاذقية والساحل ثم التسكين وتحريك جبهة السويداء والخ بطرق تبدو عفوية وظرفية لكنها مخططة لكي تبدو كذلك وفي كل هذه الازمات والمذابح العنوان نفسه: جماعات خارجة على القانون وهذه الجماعات هي الذراع الخفية للولايات المتحدة واسرائيل وحلف الناتو وفي الوقت نفسه هي الادوات التي سيتم التخلص منها بعد نهاية الصلاحية وتنفيذ مشروع الهيمنة وهؤلاء البهائم ينفذون أهدافا يعتقدون انها أهدافهم لكنهم ينفذون اهدافا لا يعرفون عنها شيئا بعد ان خلقوا لهم شعارات حارة طائفية ودينية وتاريخية زائفة لتحمل مشاق حروب منهكة وحتى تحمل الموت.
مفهوم ” الجماعات الخارجة عن القانون” الذي يتكرر بلا فحص كالعادة كما لو انه من مفاهيم الطبيعة يطرح السؤال التالي:
ما هي نوعية هذا “القانون” ومن شرعه وكيف يفصل بين الجماعات المتحاربة وعلى أي أساس ومعايير؟ وفي حال عدم الخروج على هذا القانون هل هذا يعني توفر العدالة؟ وهل تولي عصابات مسلحة ارهابية قيادة الدولة والسلطة هو تحقيق للعدالة والقانون؟ ومن خلق مناخ وظروف هذه الفوضى والجماعات الخارجة على القانون؟ قانون من؟
الجماعات الخارجة على القانون إختراع شرير يتطلب ” التدخل” للحفاظ على” القانون” كما هي إكذوبة اسلحة الدمار الشامل والدكتاتورية لتحقيق” الديمقراطية” وصناعة منظمات إرهابية يتطلب قواعد عسكرية ” لمكافحة الارهاب”، ودائما اختراع عناوين خادعة للسيطرة،
وهي الطريقة الأمريكية التقليدية في كل تاريخها : إخلق المشكلة ولكن جهز لها الحل حسب نعومي تشومسكي.