طه خليفة يكتب :جمال ريان .. ومصر .. والسؤال السخيف..!

يُغَّرد جمال ريان على موقع إكس، “تويتر سابقاً”، 16 يوليو الجاري، قائلاً: “إسرائيل تقصف الجيش الاول في سوريا فاين الجيش الثاني في مصر”.
جمال يُعَّرف نفسه على هذا الموقع بأنه: “اول مذيع على قناة الجزيرة وأحد قادة الرأي في التعبير عن آراء الشعوب العربية والاسلامية إنهم مصدر إلهامي ، شكرا لكم”.
نقول له أولاً : اذهب إلى قسم التصحيح اللغوي في قناة الجزيرة لتتعلم الإملاء، ثم اتجه لقسم الديسك، (إعادة صياغة وتحرير المادة الصحفية)، لتعرف أصول الكتابة الرصينة، وليس الركيكة، فليس معقولاً أن تكون أول مذيع على قناة الجزيرة، كما تقول، ثم لا تُجيد الصياغة الراقية، ولا تعرف أن هناك همزات تُوضع على حروف معينة في بعض كلمات تغريداتك، ونموذج ذلك السطر الذي أخذته نصاً من منشورك، ويتصدر هذا المقال، فقد فاتك مرتين أن تضع الهمزة على حرف الألف في كلمتي “الأول” و”أين”، فكتبتهما: “الاول”، و”اين”، كما فاتك أن تضع الفاصلة بعد سوريا في نفس هذا السطر لتنظيم العبارة وراحة القارئ.
وهكذا نفس الأخطاء في بقية التغريدة بما لا يتناسب وكونك أول مذيع بالجزيرة حيث يُفترض أن تجيد اللغة العربية تحدثاً وكتابة.
وأما عن التعريف الخاص بك، والذي تجعله يتصدر حسابك في موقع إكس، فإنك لا تضع الهمزات، كما في كلمتي: “اول”، و” الاسلامية”، ولا علامة التنوين، كما في كلمة: “شكرا”، كما تغيب الفواصل أيضاً.
والتعريف نفسه بحاجة لإعادة ضبط، علاوة على النرجسية فيه حيث تجعل من نفسك قائداً للرأي مُعبراً عن آراء الشعوب العربية والإسلامية، هكذا مرة واحدة!.
ثانياً: بشأن سؤالك الذي لم تضع علامة الاستفهام الواجبة في نهايته، فإن الإجابة ببساطة أن هناك ثلاثة رعاة أساسيين في المنطقة للنظام السوري الجديد، أو ثلاثة أوصياء، أو ثلاثة حلفاء، هم: تركيا، قطر، السعودية، ويمكن لكل شخص ترتيب أسماء الرعاة كما يشاء، فهم يتسابقون في دعم أحمد الشرع ونظامه.
وهناك رعاة دوليين كذلك للمرحلة السورية الحالية على رأسهم أمريكا التي منحت الشرع (الجولاني سابقاً) شرعية دولية، وأزالت العقوبات عنه وعن بلاده، وتليها فرنسا في الاهتمام بدمشق وفتح الباب الأوروبي لها.
ومن مسار وتطورات الأحداث خلال الفترة الماضية، فإن مصر ليست في مقدمة الرعاة، أو الأوصياء، أو الحلفاء، أو الداعمين، ولديها أسبابها لذلك الموقف حيث لا تزال تراقب خطوات وسياسات وتوجهات الشرع وحكومته ورجاله، خاصة وأنهم قادمون من خلفية جهادية مسلحة متشددة، والنظام الحالي في مصر على تضاد مع الإسلاميين بمختلف أطيافهم منذ الإطاحة بحكم جماعة الإخوان في 3 يوليو 2013.
وواضح أنه لا تزال هناك مسافة سياسية لم يتم جسرها بعد بين القاهرة، وبين دمشق، رغم هذا فإن مصر بادرت مع 9 دول عربية الخميس 17 يوليو الجاري لتوقيع بيان للتأكيد على أمن ووحدة واستقرار سوريا، وإدانة العدوان الإسرائيلي الذي تعرضت له الأربعاء 16 يوليو، كما أن القاهرة استقبلت الشرع باعتباره رئيساً لسوريا في قمة عُقدت 4 مارس الماضي بشأن غزة وإعادة إعمارها عندما تنتهي حرب الإبادة.
وبالتالي كان واجباً عليك يا أستاذ جمال أن توجه سؤالك ليس للجيش الثاني في مصر، إنما لجيوش الرعاة لسوريا الجديدة، وهى جيوش تشتري السلاح بكميات هائلة، وتدفع فيه أموالاً مهولة، وتضعه في المخازن، ويتعرض للصدأ من عدم استخدامه، وكان العدوان على سوريا فرصة لاختبار جدية احتضان هذه العواصم للعهد السوري الجديد بدون الأسد وعائلته ونظامه وحزب البعث.
بل كانت الإبادة في غزة المتواصلة للعام الثاني على التوالي أكثر إلحاحاً وتبريراً وضرورةً لإخراج السلاح من مخازنه، وتحريك الطائرات من حظائرها، وتنفيذ هجمة عربية إسلامية جماعية شاملة على إسرائيل لإنهاء أسطورتها، وقطع يدها، وشل حركتها، ودفعها للصراخ والعويل وطلب إيقاف الحرب، والإذعان لنداء السلام، وليس توجيه دعوة الحرب إلى مصر وحدها.
وربما تكون تركيا معنية بشأن الدفاع عن سوريا أكثر من قطر والسعودية باعتبارها تمتلك جيشاً قوياً مُدرباً مُؤهلاً مُسلحاً جيداً، خاض ولا يزال يخوض الحروب، ومعروف أنه ثاني أكبر جيش في حلف الناتو بعد الجيش الأمريكي.
فلا نريد تحميل هذين البلدين الخليجيين أكثر مما يحتملان، وهذا ليس تزلفاً لهما، إنما لوضع الأمور في نصابها الصحيح والمنطقي، ذلك أن بلدان الخليج عموماً ليست دول حرب بقدر ماهى دول تنمية ومساعدة ودعم سياسي ودبلوماسي ومالي واقتصادي للأشقاء، ولكل من يطلب العون منهم في العالم، وهذه سياسة طيبة ثابتة لا تتوقف، ومع هذا فإن احترافها الحرب، والقدرة على المواجهة هي قضية أمن قومي لها، وهى ثابت استراتيجي في أسس حماية نفسها وشعوبها ومصالحها ضد أي عدو أو متربص أو حاقد عليها.
ومعروف أن تركيا كانت عامل مهم في تحرك الفصائل المسلحة بقيادة الشرع يوم 27 نوفمبر 2024 تحت اسم “ردع العدوان” للسيطرة على المناطق التي بحوزة نظام بشار الأسد، وفي القلب منها العاصمة دمشق، وهذه الفصائل وجدت طريقها مفتوحة لإحكام قبضتها على مختلف المحافظات السورية، وأنهت القتال بإسقاط النظام، وهروب الأسد إلى روسيا، يوم 8 ديسمبر 2024.
أنقرة لعبت دوراً في هذه العملية، وغالباً كان عبر التخطيط والتوجيه ورسم تحركات الشرع وفصائله، للخلاص من الأسد، وطي صفحته، وربما لم تكن تركيا وحدها في هذه العملية، بل كان معها أطراف إقليمية ودولية داعمة لكل ما جرى.
سؤالك يا جمال عن الجيش الثاني في مصر في غير محله، ولا مكانه.
سؤالك سخيف، وثقيل الدم، مثل ما تكتبه، ولا تجيد فيه صنعة الكتابة.
ولا يعني هذا أن مصر غير معنية بسوريا وأمتها العربية، بل إن هذا أهم وأكبر وأخطر أدوارها تاريخياً، وهى لا تتحلل منه، وهى ضحت في سبيله بكل غالٍ ونفيس، وإذا كانت هناك ضرورة للحرب دفاعاً عن سوريا ضد الغطرسة الإسرائيلية، فإنها يجب أن تكون بمشاركة العرب الفاعلين في سوريا، ومعهم تركيا، وليس مصر وحدها، رغم أنها تعاني من أزمات طاحنة، بينما هناك دول لا تواجه مشاكل أو أزمات، ولا تجد للمال مكاناً من كثرته فتمنحه لـ ترامب بالتريليونات.
تواصل أخطاءك يا أول مذيع على قناة الجزيرة، ولن أقول إنك تكشف عن سواد قلبك، وخبث نواياك، بتغريداتك المسمومة من هذا النوع المعتاد منك.