تراتيلُ المدى…..بقلم خديجه بن عادل

في المدى…
حيثُ يسكنُ صدى لم يُسمَعْ،
ويموتُ الكلامُ على حافةِ الهمسِ
من غيرِ أن يُودِّعْ.
في المدى…
تنبتُ الأنهارُ من عينِ حالمة،
وتسيرُ الجبالُ على رِجلِ الغيمِ
من غيرِ أن تعلم.
كلّ شيءٍ هنا
يكتفي بنصفِ المعنى،
ونصفِ نجمة،
نصفِ صلاةٍ
بلا محراب.
أنا العابرةُ في جهاتٍ سبع،
أحملُ خريطةً بلا شمال،
أقرأُ الزمانَ
كما تقرأُ العمياءُ
الضوءَ بينَ الأصابع.
أركضُ خلف اسمي
الذي يتلوّى في فمِ الرّيح،
مرّةً يشبهني،
ومرّةً… لا.
أُمسِكُ ظلّي
فتتبعني أحلام،
أُطفئُ الليلَ
فيشتعلُ جرس.
يا أيها الجرسُ المعلّقُ في صدري،
متى تدقُّ لتوقظني
من نومِ المعاني المؤجّلة؟
من زمنِ الأسئلةِ المتعبة؟
رأيتُ الغيمَ يسرقُ ألوانَه
من فستانِ طفلة،
ورأيتُ الشجرَ
ينحني خاشعًا لذكرى
ورقةٍ سقطتْ.
هل كان العالمُ قصيدةً
نسيَت الشاعرةُ أن تُنهيها؟
أم لحنًا
ضاعت آخرُ نغمةٍ فيه
حين اختنق الناي؟
أنا ابنةُ المسافة،
حفيدةُ الطريق،
أسيرةُ الزوابعِ
التي لم تسأل أحدًا عن وجهتها.
لكنّي أكتبُ…
أكتبُ لأنّ الكلامَ
يحملُ شكلَ دمي،
لأنّ القصيدةَ
هي النافذةُ الوحيدة
التي لا يصدّها الزمان.
أكتبُ كي أعود،
أو أمضي،
أو أظلّ واقفةً
كحرفٍ ضائعٍ
في سطرِ الله.