حَدِيثٌ حَولَ الكُتلَةِ والفَرَاغِ…..بقلم أحمد حنفي

عندما يمتلكُ النَّحَّاتُ وهمًا.؛
يختبئُ الحجرُ من إزميلِهِ
كأنَّ للحجرِ قلبًا
يأبى أن يخضعَ للوهمِ.،
ولا يتشكَّلُ.
الحجرُ
-قطعًا-
لا يعرفُ المجازَ
ولا يعرفُ معنى أن يكونَ
نُصُبًا تَذكاريًّا
يتوسُّطُ فراغًا
في مَيدانٍ عامٍّ
***
في الحقيقةِ
لم أكن أعرفُ
هل كانَ قلبي كُتلةً من صَوَّان
لا يمتلكُ دهشةً،
أم فراغًا بحاجةٍ إلى المجازِ
كي يمتلكَ معنى؟
كلُّ ما أشعرُ بهِ..
أنَّ قلبي كانَ بحاجةٍ للفهمِ
كيفَ بينَ يومٍ وليلةٍ.،
صارَ تمثالاً
يحكي أسطورةَ
غيابِ البحَّارةِ العُشَّاقِ
عندما صادفوا
-ذاتَ مساءٍ ساحليٍّ هادئٍ-
عروسَ البحرٍ؟
***
عندَ سيفِ البحرِ
بينما كنتُ أجلسُ
أدخِّنُ الوحدةَ
تسلَّلَتْ
عبرَ الساحلِ الداكنِ
عروسُ البحرِ
كانت قطراتُ الماءِ تتلألأُ على جسدِها العاري
وتعكسُ لهبَ المنارةِ المرتعشِ
قالَت، ولم تأبَهُ لأسئلةِ عينيّ المُضطربتَينِ:
“أنتَ فراغٌ..
وقلبُكَ حجرٌ
في انتظارِ التَّشَكُّلِ”
صدَّقتُها
بينما شعرتُ بالحجرِ
يخفقُ!
وراحَ إزميلُها العصبيُّ
يلعبُ لعبتَهُ الآسرةَ
وهو يصنعُ انحناءاتِهِ الداميةَ
“يا اللهُ..
إنَّ قلبيَ لم يكن حجرًا!”
لكنَّها ظلَّت تنحتُهُ بقسوةٍ
ثُمَّ تسلَّلَت عبرَ الساحلِ الداكنِ
مرَّةً أخرى
ولم يحصل قلبي على شكلٍ
ذي قيمةٍ؛
حيثُ صارَ صِفرًا ضخمًا
عرفتُ
-فيما بعدُ-
أنَّ الصفرَ حرفٌ في أبجديةِ الفراغِ
ولا يعني ذلكَ أنَّهُ كُتلةٌ بالمناسبةِ!
***
كيفَ أصبحنا شبيهينِ إلى هذهِ الدرجةِ؟!
كيفَ صرنا مختلفينِ إلى هذهِ الدرجةِ؟!
***
البحَّارةُ العُشَّاقُ
والذينَ غابوا
-ذاتَ مساءٍ ساحليٍّ هادئٍ-
لا يعرفونَ
هل كانوا كُتلةً لا تعرفُ الدهشةَ،
أم فراغًا بحاجةٍ إلى المجازِ؟!