يبقى السؤال عرّاب الحرية/للأديب العراقي وجد الروح

يَبقى
السؤال عراب الحرية
……………………..
ذكاء المرء
في طرح الأسئلةِ
ليست في الإجابات . ومفتاح التنمية العقلية هو السؤال .
فالقدرة الإستفهامية ساهمت في التكوين المعرفي بشكل عام عبر المفاهيم ودلالاتها وسياقاتها الفكرية .
لا يكون العالم مفتوحاً على مصراعيهِ إلا إزاء عقلٌ متفَتّح سائل وفكر ثاقب يطل من نافذة العقلِ لبيان معنى الوجود وهو سعيٌ لذهن واع نحو خَلخلة الأفكار وتوليد أفكار أكثر متانة وأقوى منطقياً لخلق الإجابة .
والإجابة ليست مهمة بل صيرورة صياغتها الفلسفية هي الأهم .
ولكي يَتفلسف المرء العاقل ينبغي أن لايفصل الفيلسوف الذي فيه عن الإنسان الذي يحتويه . بل أن يكون إنساناً متسائلاً يُفكر لأجل غاياتهِ المُضمرة التي تعتريه . وأن لا يفكر بصفتهِ مفكراً أي ضمن إمكان منتزع من كلية الكائن معزولاً عن ذاتهِ. يُفكر بصفتهِ كائناً حياً معرّضاً لأمواج الشَك القادرة على أنهاء وجودهِ السائل .
لذا عليه أن لا يُفكر في فراغ التجريد لأجل أقصاء الخصائص في كينونتهِ . كأنهُ جرم منعزل عن الوجود
كأنهُ عاهل مطلق . أو كأنهُ إله لا مبالٍ نفى نفسهُ خارج العالم .
بل يُفكر بعمق ذاتهِ الفاعلة كي تكون أساساً لوحدةِ الفكرِ والكينونة .
فالفكر الواعي يميل طبيعياً الى البحثِ عن علةٍ أو عن أصل وجود الإنسان وموقعه في الطبيعة وتطوراته البايولوجية وفي علاقتهِ بالوجود المطلق .
ولكن أي بحث وإن تَنوعت مصادرهُ لا بدَ له ان يسلم انطلاقاً بمبدا الكرامة الإنسانية لأنه في جميع الأحوال وأياً كان الجواب الذي يهتدي اليه يفترض مسبقاً في الأقل أحترام الذات المُفكرة لنفسِها.
وجَدلية الطرح يكمن في السؤال التالي
هل الإنسان حدث عارض في الكون بالصدفةِ كوسيلةٍ أم كائن موجود كغايةٍ في ذاتهِ …؟
هنا يرى العقل الراسخ بالمعرفة أن الإنسان لا يهم الأنطولوجياً من حيث هو إنسان حدث . بل من حيث هو الكائن الذي من خلالهِ ينكشف معنى الوجود . فليس يكفي أن نقول إن الإنسان هو الموجود الذي يَفهم الوجود . بل نَقول أن فهم الكائن للوجود هو في حد ذاتهِ وجود . بمعنى أنه ليس وسيلة أو غاية بل قوة ذاتية باحثة . بل هو
أسلوب في الكينونة
يرى في وجودهِ البشري سبيلاُ مشروعاً لفهم حقيقة الوجود فقط عبر سراديب العبث أو دياجير الشك .
إن عدم الوصول إلى الإجابات النهائية لا ينفي قيمة طرح الإسئلة وهو تَجسيد لإسطورة سيزيف كامو الباحث عن الوضوح عبر إرادة عمياء في عالمٍ صامت يَكتنفهُ الخَرس . ومهما كثُرت المآلات والمقاصد يبقى السؤال عراب الحرية … وجد الروح