رؤي ومقالات

حمزه الحسن يكتب :الكتابة فعل أخلاقي

لا تنتظريني هذا المساء، الليل أبيض وأسود”. * الشاعر جيرار دورنيفال.
لماذا لا نضع البحث والكشف والابداع والشجاعة الادبية والمغامرة الفكرية،
وخلخلة السكون وكشف الأقنعة، والدفاع عن الكرامة البشرية، كجزء جوهري من أخلاق الكاتب؟
الكتابة فعل تضامن تاريخي بتعبير رولان بارت،
أي انت من لحظة النشر تكون شريكاً في موضوع، قضية ما، مع جمهور واسع، وتصبح الكتابة خارجك ولست أكثر من قارئ لما تكتب.
عندما يقول ميلان كونديرا” إن الرواية التي لا تكتشف عنصرًا مجهولا في الوجود، هي رواية لا أخلاقية. المعرفة هي السمة الأخلاقية الوحيدة في الرواية” إنما يضع الكشف والمعرفة والمغامرة السردية كجزء جوهري من الأخلاق. التخيل اخلاق وعكس تصورنا المشرقي للأخلاق الذي يُختزل في جوانب ضيقة ومتخلفة.
أليس النسج والسرد اللغوي والجمال من الأخلاق أيضاً؟ إختزال الانسان في موقف واحد حقيقي أو متخيل، هو سلوك سلطة تؤرشف للناس،
لأن الانسان طاقة تحولات من الولادة وحتى الموت،
من اليقظة وحتى النوم وما بعد النوم في الاحلام، ومن الغباء حبسه في حالة أو موقف وغلق حياته كملف. هذا سلوك مؤسسة بوليسية أو أمنية. الأرشيف تحنيط الانسان في ملف.
عندما يقول لك مسؤول سلطوي” ملفك عندي” إعرف انك معتقل في خزانة أوراق وأرشيف ومحنط فيها وكل حياتك وتحولاتك لا قيمة لها. الأرشيف يعرف أكثر مما تعرف وهو كتابة تقرير أبله ووجهة نظر سطحية وسرقة وظيفة ملائكة الكتفين في تسجيل أفعال البشر بتعبير جاك ديريدا.
أخلاق الكاتب والفنان في أن يعمل بكفاءة وموهبة وإخلاص وصدق وهذه أخلاق سامية،
وعكس ذلك لا تشفع له أخلاقه الاجتماعية لأنها شأن خاص ولا أحد ينتفع بها بلفة كباب أو رغيف خبز إذا كانت ” الأخلاقوية” أخلاقاً.
لكن لا أحد يتحدث عن جنون” الحشود” في القتل والاقصاء واحتكار الحياة والحقيقة عندما يصبح هذا الجنون المبرقع عقيدة وكما قال الروائي روبرت بيرسون: “عندما يصيب الوهم شخصاً يسمى المجنون، وحين يصيب جماعة يسمى عقيدة”. الحشود التي تخرج للشوارع بالسلاح والسكاكين وتأكل بعضها وتقتل بعضها في مذابح علنية تسمى صراع عقائد وتيارات سياسية.
ما الذي يهمنا مثلاً كيف كان يعيش البير كامو أكثر مما تهمنا نصوصه الابداعية العظيمة في الغريب والطاعون والمقصلة؟
هو القائل:
” ــ تعرفون إسمي ولا تعرفون قصتي، تعرفون ماذا فعلت ولا تعرفون الظروف التي مررت بها، فتوقفوا عن الحكم عليّ وإنشغلوا بأنفسكم.”,
ماذا يعني لنا أن الروائي فلوبير كان يشرب أكثر من خمسين فنجان قهوة في الليلة الواحدة لكي يكتب، أكثر مما تهمنا رائعته: مدام بوفاري؟
كارل ماركس كان في شبابه زبون حانات ومطاردة النساء وعليه
دعاوى مشاجرات كثيرة حتى عاشر خادمته وأنجب بنتاً دون علم زوجته سراً ولم يعلم بذلك إلا إنجلس، لكنه قلب العالم حتى اليوم.
ماذا يهمنا ان الشاعر الكبير محمود درويش قد أغرته عراقية متزوجة بذمة رجل بدون علم الاثنين وشهّرت به في كل مكان على انها أنجبت منه إبنة ـــــــــــ من لحظة زنا ــــــــــ كما تدعي وصارت تتاجر بتلك الليلة المقدسة وتتباهي أمام كل من تعرف ولا تعرف بأنها المرأة المقصودة في المضاجعة الكبرى مع ان درويش معروف بعلاقاته النسائية الواسعة ولو أحصينا عدد النساء، لكوّنا جيشاً يكفي لغزو إسرائيل ، وقد أشعل النقاش حولها الروائي والشاعر سليم بركات وكانت موضوعا في الصحافة الادبية لبضعة شهور في حين صمتت وهي اليوم مسنة تعاشر الكحول والمخدرات وتحاول عن طريق المشاجرات المفتعلة نفض غبار المسامير الصدئة عن تابوتها المترب ولفت الانظار للتنفيس عن الفشل والاحباط والنبذ وجنون النهايات ورعب الهجران ، لكن ماذا يهمنا هذا الأمر أكثر مما تهمنا قصائد الشاعر الرائعة. عادة الأذكياء والشرفاء أكثر الناس وقوعاً في الأخطاء والفخاخ لأنهم لا يتوقعون الشر؟. النبل مصيدة البرىء.
ماذا يعني لنا أن سلفادور دالي عشق زوجة الشاعر بول ايلوار غالا وتزوجها،
أكثر مما تهمنا لوحاته؟ ما الذي ينقص، مثلاً، مثلاً، من غابريل ماركيز عندما لكمه الروائي ماريا بارغاس يوسا مؤلف” حفلة التيس” عن الدكتاتور يوماً أمام زوجته مرسيدس،
وكلاهما حامل نوبل أكثر مما تهمنا روائعه في:
مئة عام من العزلة وليس للكولونيل من يراسله وحكاية موت معلن؟
ليست مسؤولية أحد محاكمة أو محاسبة الشاعر جيرار دورنيفال
لانتحاره فهو وحده عاش ظروفاً خاصة،
وهو وحده تعامل معها ونحن نسمع قصته من السطح ولا نعرف كيف هي التفاصيل فلماذا ننشغل بحياته، وعندما أخرجوه من المصح النفسي صرخ:
” أعيدوني الى بيت العقلاء” لأنه يعتبر المجتمع مكان المجانين.
لا نعرف تفاصيل قصة فرجينيا وولف وانتحارها سوى العنوان بل تهمنا رواياتها التي شكلت تيارا في السرد .
عندما يخطر لنا ديستوفسكي كان مدمناً على القمار والشراب، لكن عظمته في رواية الجريمة والعقاب وفي غيرها،
أليس بناء عوالم مغايرة ونزع النقاب عن الزيف هو أيضاً أخلاق سامية والدفاع عن الفضيلة؟
في نوبة غضب وسعار قتل العالم اللغوي التوسير زوجته بحجرة في الشارع صدفةً،
لكن من المستحيل تجاوز كشوفات هذا العالم اللغوي،
حتى أن المحكمة نظرت بذلك .
قضى نيتشه سنوات في مصحات عقلية، لكن لا أحد اليوم ينسى أو ينكر أنه هو مؤسس الحداثة الغربية. أليست هذه أخلاقاً؟
رغم كل الهوان والاهمال والمتاعب التي تعرض لها نيتشة، لكنه واثق من نفسه وقال عبارة تحمل نبوءة مذهلة واثقة:
” أنا رجل سيولد بعد موته”،
اليوم في الغرب يجري اكتشافه فهو مؤسس الحداثة الغربية.
ميشيل فوكو قضى سنوات في مصح عقلي إجباري مغلق، لكنه هو من حرث الفلسفة الغربية وفضح تاريخ الغرب المخفي والمسكوت عنه في كتابه المرجعي الذي غير تاريخ الفكر والطب والثقافة:
” الجنون في العصر الكلاسيكي”.
الروائية النمساوية ألفريدي ألينيك تعاني من رهاب الخوف من البشر،
ولم تذهب لحفل نوبل لاستلام الجائزة، لكنها مع ذلك لم تنس العراق ووضعت كتاباً ضد الاحتلال بعنوان: بلاد القنبلة،
يوم كان مثقفوه وكتابه يحتفلون بخرابه.
ما هي المشكلة إذا كان بيكاسيو تزوج 6 مرات، وكان مولعاً بشراء الأحذية حتى أنه إشترى مرة أحذية كل المحل وعندما جاء بعده لويس أراغون أحد شعراء المقاومة الفرنسية، لم يجد حذاءً ليشتريه وبيكاسيو صفر المحل؟
بيكاسيو موجود في لوحاته الخالدة وليس في حياته الخاصة، وأخلاقه في هذا الابداع الهائل.
أراغون نفسه قبل التعرف على إيلزا المثقفة كان كحولكياً ينام على الأرصفة،
لكن إيلزا أعادت صياغته لذلك دفن معها في قبر واحد متحاضنين.
الفيلسوف البريطاني شوبنهاور كان يعاني من رهاب القتل، ويخشى أن الروائي الفرنسي بلزاك يعبر بحر المانش ويقتله، ولا ينام إلا والمسدس تحت وسادته، لكن من ينكر فلسفة شوبنهاور؟
الروائي الكبير ارنست همنغواي مصارعة وملاكمة وحروب وتكسير صحون
ومشاجرات بارات وصيد واطلاق نار وعلاج من جنون الارتياب وأنهى حياته بالانتحار، لكن أخلاق همنغواي في رواياته العظيمة:
لمن تقرع الاجراس، وداعاً أيها السلاح، والشمس تشرق أيضاً والشيخ والبحر وغيرها وفي السرد المتقشف المقتصد الباهر.
الشاعر بودلير ــ مخدرات وكحول. الشاعر هولدرن ــ كآبة. أنطونيور أرتر ــ قلق وانتحار.
كافكا ــ رعب من الحياة. الشاعر لوتريامون ــ كآبة، انتحار في العشرين.
الفيلسوف ديكارت ــ شبه مجنون. الشاعر الالماني نوفاليس ـــ قلق حاد.
غوته حاول الانتحار وفشل مرات فكتب رواية ” آلام فارتر”،
وجعل بطلها ينتحر بالإنابة عنه.
ثلاثة من كبار فلاسفة أوروبا سارتر وجاك ديريدا وسيمون دي بوفوار،
عصاب نفسي حتى أن ديريدا شكر العصاب لأنه منقذ من القطيع.
سارتر قال: الكتابة أنقذتني من الجنون. فولتير وبلزاك وفلوبير، عادات غريبة، وجنون دوري.
الكاتب الأمريكي أدغار ألان بو، مخدرات وهلاوس وكحول. الفيلسوف السويسري جان جاك روسو الذي غير حياة الغرب
بكتابه العقد الاجتماعي وهرب الى فرنسا كان يعاني من الخوف
وعقدة المطاردة والارتياب.
لحظة مؤثرة عندما وقفت أمام داره في جنييف قبل سنوات مع ابنتي بصحبة الكاتب علاء اللامي.
الروائي كونراد وموباسان وكامو والموسيقار بتهوفن والرسام كلود مونيه والرسام فان كوخ قلق وخوف وانتحار. الروائية فرجينيا وولف كآبة وإنتحار.
عالم النفس فرويد نفسه عصاب نفسي إنتهى بالإنتحار،
لكن لا يمكن إنكار ثورته في علم النفس بعد أن جعل العقل حقلاً
للدراسة والبحث بدل تركه للمشعوذين. الشاعر الروسي مايكوفسكي انتحار.
الفيلسوف الدنماركي كيركغارد والشاعر الالماني ريلكه،
الروائي الروسي باسترناك والشاعر البرتغالي بيسوا قلق وكآبة.
الرسام سيزان أيضاً، الروائي الفرنسي جان جينيه اول كاتب اجنبي شهد مذبحة صبرا وشاتيلا من قبل اسرائيل ولفت انظار العالم، الروائي المغربي محمد شكري، كحول ومخدرات وعصاب.
الموسيقار الألماني شومان كان يقيم حفلاً في منزله، لكنه فجأة إستأذن من المدعويين لقضاء عمل، ذهب إلى نهر الراين ورمى نفسه في النهر منتحراً،
لكن صيادين قربه أنقذوه وتشاجر معهم ” ؟”.
ماذا تهمنا تلك الحادثة أكثر مما تهمنا موسيقاه التي تصدح في صالات برلين وفينا وباريس وغيرها؟
الروائي الامريكي الكبير هنري ميللر بال في قفص المحكمة عندما صدر عليه الحكم بسبب روايته: “ربيع أسود”. وليام بوروز كتب في طنجة رواية” المأدبة العارية ” محششا وتعرض للمحاكمة في أمريكا.
هؤلاء الكبار وغيرهم عاشوا قلقين ليس لخلل فردي بل وجدوا أنفسهم
في نظام مؤسساتي كابح وتمردوا عليه وأسسوا الحداثة الغربية، ولا يخضعون للمعارات التي تولعت بها نخبنا في التركيز على الشخص واهمال النص،
لأن البنية العقلية قبلية بقشور نقدية،
وحتى عندما يعيش هؤلاء في الغرب يعيدون على بعضهم إنتاج الرداءة
نفسها والغوغأة والصبينة،
لكنهم في الكتابة عشاق حداثة وعصافير وفراشات وأطفال:
الجلافة والفن والادب أمران متناقضان. يقال اليوم في الغرب إن الحداثة الغربية من صنع مجانين، لكنه الجنون الإبداعي وليس الخبل والعته.
هؤلاء كانوا أطفالاً عمالقة كشفوا دروباً جديدة بحساسية ورهافة ومغامرة فكرية خارج النمط والسياق ومسافة كبيرة بينهم وبين المجتمع،
ومن حسن حظهم أنهم عاشوا في مجتمعات متفهمة، وفارغة من المعارات الصبيانية كما في عالم مثقفينا وكتابنا .
هؤلاء واجهوا ظروفاً صعبة وهم وحدهم من تعامل معها،
وكل ما يهمنا أن أعمال هؤلاء خففت من ضراوة وحشية القتلة والسياسيين،
ويمكن تخيل العالم بلا هؤلاء العظماء.
القلق الفكري والوجع مصدر كل فن وأدب وفكر حقيقي وعميق.
يتباهى البعض بالـــ” التوازن” و” العقلانية” في هذه المذبحة المستمرة،
وهو التوازن نفسه الذي نراه في المقابر وخيول الاسطبلات
بعد العلف ، ونراه في الأبقار التي تسرح في العشب قرب المسلخ:
التوازن اليوم ليس نقيض القلق بل جوهره في عالم مضطرب وعاصف وينذر بمخاطر كثيرة داهمة،
والعقلانية لا تتناقض مع السؤال والشك باليقينيات الجاهزة،
والوعي لا يتناقض مع اللاوعي بل يختلف عنه، كما لا يتناقض الليل مع النهار بل يكمله،
ولا تتناقض الحياة مع الموت بل تختلف عنه وخاتمته الطبيعية،
والإنسان يبدأ بالموت قبل ومن لحظة الولادة في دورة مستمرة هدم وبناء حتى النهاية،
لكن المشكلة هي التفكير من خلال مفاهيم مستهلكة،
تحولت مع الزمن الى قواعد حياة وهذا الصنف المغفل تمتلئ بهم المقابر.
لا ينشغل الغربي كيف عاش فولتير وماذا كان يأكل سقراط ومن هي عمة
أو جدة الرسام بول غوغان ومن هي عشيرة تولستوي وعمامه ومشاكله العائلية الكثيرة ، وكل ما يهمهم التراث الفكري والثقافي والفني العظيم.
من تناقضاتنا نستعمل منتجات العقل الغربي كالهاتف والطائرة والدواء والسيارة وغيرها الكثير دون ان نهتم بالصانع خلفها سواء كان حشاشا او قديسا او زنديقا،
وفي حالات نلعن هذا العقل المنتج وفي الوقت نفسه نعيش على بضاعته،
فلماذا لا تكون القاعدة نفسها في الانتاج الادبي والثقافي حيث الجودة والاصالة والخلق والابداع والدفاع عن الكرامة والحياة هي المعيار؟
كل هذا الجنون السياسي والاقتصادي والحربي والثقافي والاخلاقي في العالم العربي خاصة والعالم عامة ومطلوب من الكاتب والمثقف ألا يقلق.
لا يمكن أن يحدث ذلك إلا في مكانين :
في متحف الشمع وفي حياة البلداء والمستفيدين من الكوارث.
الشاعر بدر شاكر السياب عاش ظروفا لا تحتمل، ومع ذلك إنشغل البعض بالسياب المريض والغاضب وتناسوا ثورته الشعرية،
وآخر مقال ردئ ضاج بالسخف الرخيص والإنتهازية والمحاباة لاطراف معروفة كتبه ناقد بعنوان: ” في الذكرى السادسة والاربعين لرحيله: ما الذي تبقى من السياب؟ جريدة القدس العربي في : 28 – ديسمبر – 2010،
كما لو ان السياب متشرد يراد حرق أسلابه وليس طاقة وثورة شعرية ولغوية غير حقل الكتابة والتخيل،
و إستند الناقد المخضرم في المقال على مواقف شخصية للشاعر ورسائل غاضبة وصوّر السياب كشخص مريض نفسياً يشتم المارة بلا أي سبب، وتجاهل ظروف الشاعر وتحت أية تفاصيل تمت، كما لو ان العراقيين اليوم يتحاورون بالزقزقة وليس بالمفخخات والعبوات وكواتم الصوت وشجارات برامج التلفزة وقلب الكراسي والشتائم السوقية العلنية والتهم المخزية والتهديد ، ولا يهدد هذه” الشاعرية” غير رسائل السياب كرد على انتهاكات تعرض لها ورد عليها بطريقة سلمية في تدوين سيرة هؤلاء الذين طاردوه حتى في بيروت وهو مريض في قالب الجبس الطبي كشبح أبيض متجول بشهادة الشاعر محمد الماغوط مرافقه بعد أن سرق الشيوعيون نقوده المخصصة للعلاج وضربوه بعد أن شهروا به كعميل مخابرات أمريكية.
بشهادة الشاعرة لميعة عباس عمارة في محاضرة في ” ديوان الكوفة” في لندن عام 1996 بالحرف:
” لقد أوصى أحد قادة الحزب الشيوعي الرفاق: على كل من يصادف بدر شاكر السياب بالطريق أو أي مكان أن يهينه ويبصق عليه”.
نشرت ” مذكرات ” لميعة عباس عمارة في جريدة الشرق الأوسط في تاريخ 25/09/1996 في العدد 6511، في حلقات وذكرت هذا الحدث في الحلقة الثامنة وكانت لميعة مع السياب في دار المعلمين العالية التي صارت كلية التربية.
لا يذكر الناقد المخضرم هذه الحوادث لانها لا تنسجم مع رغبة دفينة في تشويه صورة السياب التي لا تشوه لانها مؤسسة على انجازات شعرية عميقة وثقافية أصيلة وراسخة الجذور وهذا هو النقد السائد في العراق اليوم الخارج من شروط النقد كما أسستها المدارس النقدية في الماضي والحاضر وأخلاقيات الناقد.
هذه خاصية المجتمعات المغلقة التي تعيش خارج التاريخ وتجتر مروياتها الشفوية البائسة كلقمة البعير من الفك الايسر الى الايمن وبالعكس،
وفاتها قطار التاريخ،
ولم تعش في حياة بل في آيديولوجيات وأساطير بتعبير حنة أرندت:
” العالم الثالث ليس حقيقة بل آيديولوجيا”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى