رشاد حامد يكتب :بروتوكول ناقص أم توازن محسوب؟

لم يكن لقاء الرئيس الأميركي ترامب والرئيس الروسي بوتين في ألاسكا مجرد اجتماع في قاعدة عسكرية نائية، بل كان مشهدًا غنيًا بالرموز والدلالات. الاستقبال خالف البروتوكول الأميركي المعتاد: لا نشيد وطني، لا استعراض لحرس الشرف، ولا مراسم رسمية للدولة. كل ما ظهر كان سجادة حمراء ومنصة تحمل شعار *ALASKA 2025*، مع تحليق للطائرات في الخلفية. هذا الغياب المتعمد للطقوس الرسمية جعل اللقاء يبدو وكأنه يجري في أرض محايدة، لا على أرض أميركية.
– ترامب حطّت طائرته الساعة 10:22 صباحًا. وبقي على متنها حتى وصول بوتين.
– بوتين وصل الساعة 10:55 صباحًا.
– كلا الرئيسين نزلا من طائراتهما في نفس الوقت، الساعة 11:08 صباحا.
– في مشهد لافت، وقف ترامب وبوتين يتصافحان على سجادة حمراء، وخلفهما مباشرة طائرة الرئاسة الأميركية Air Force One. لكن ترتيب الصورة حمل مفارقة بصرية واضحة: ترامب بدا وكأنه هو الزائر، واقفًا في موضع الاستقبال، بينما بوتين، رغم كونه الضيف، ظهر وكأنه صاحب الأرض، يستقبل ترامب أمام رمز السيادة الأميركية. لمن لا يعرف أن ألاسكا ولاية أميركية، قد يُخيّل إليه أن اللقاء يجري على أرض روسية، حيث تحوّل الرمز الأميركي إلى خلفية صامتة، بينما منح الترتيب البصري لبوتين مظهر المضيف الواثق.
–
من وجهة نظر الإدارة الأميركية، هذا لقاء عمل لا زيارة رسمية، وكان من الضروري التأكيد على أن اللقاء لا يُعد زيارة دولة، ولا يمنح موسكو أي اعتراف إضافي. البيت الأبيض وصفه بوضوح بأنه مجرد “تمرين استماع”.
في الداخل الأميركي:
– أنصار ترامب رأوا في بساطة المشهد تعبيرًا عن براجماتيته، حيث فضّل التركيز على الحوار المباشر بدلًا من المظاهر.
– منتقدوه اعتبروا غياب البروتوكول تنازلًا عن الهيبة الأميركية، وأتاح لبوتين الظهور بمكانة مساوية لرئيس الولايات المتحدة.
–
في المقابل، الإعلام الروسي استثمر المشهد ليُظهر أن بوتين يُعامل كندّ حقيقي لواشنطن، حتى على أرضها. المواطن الروسي، المعتاد على خطاب يؤكد عودة روسيا كقوة عظمى، وجد في ألاسكا تجسيدًا لهذه العودة.
الصورة التي جمعت الزعيمين، دون أي تفضيل للمضيف، عُرضت كرمز لانتصار رمزي.
وقد عزز هذا الانطباع أن بوتين هو من بدأ الحديث في المؤتمر الصحفي المشترك، في خرق واضح للأعراف البروتوكولية التي تنص على أن المضيف يبدأ أولًا. هذه المبادرة لم تكن تفصيلًا عابرًا، بل رسالة واضحة بأن روسيا تسعى لفرض إيقاعها، وقدّمت للإعلام الروسي مادة إضافية لتصوير بوتين كقائد واثق يفرض حضوره حتى على الأرض الأميركية.
–
الخلاصة:
الاستقبال غير التقليدي في ألاسكا لم يكن مجرد نقص في البروتوكول، بل تصميم متعمد يخدم مصالح الطرفين:
– واشنطن أرادت أن تقول: هذا ليس اعترافًا رسميًا، بل مجرد جلسة استماع.
– موسكو أرادت أن تقول: بوتين يقف نِدًّا لترامب، ويبدأ الحديث أولًا حتى على الأرض الأميركية.