كتاب وشعراء

كانت السفينةُ…..بقلم بسام المسعودي

كانت السفينةُ
آخرَ ما أمكن لنوحٍ أن يصطادَ به
من الطوفانِ رمقًا
لا نجاةَ دون خشبٍ نُقِعَ في الدعاء
ولا خشبَ..
ينقذك من الغرق
إذا كذّبتَ الماءَ في عينيكَ.
مضى بها،
بأقوامٍ تتدلّى من شفاههم الذنوب
وبأحزانٍ محكمة الإغلاق
بأنفاسٍ حاملةٍ وصايا الملح
وطفلٍ… لم يصعد.
منذ أن لامستْ السفينةُ كتفَ الجودي،
وتوقّف المطر عن البكاء،
وما زلنا نغرقُ…
ولكن دون ماء.
لم نَعُد نفرّق بين الغريقِ وبين النبيّ
بين الابنِ الذي عصى،
والأبِ الذي غفرَ
وبين الخشبِ الذي نجا،
والقلبِ الذي لم يهدأ.
لم تُعدْ لنا الحكاياتُ “من كلِّ زوجين اثنين”
بل أعادتنا بزوجٍ من الغياب:
غفلتُنا،
وشوقُنا لله.
صِرنا نصطادُ من بحرِ اللهِ
مراكبَ مكسورة
نكحّل بها ذاكرتَنا
ونقنعُ أنفسَنا أن للناجينَ أحفادًا فينا
وأنّ كل طوفانٍ له جوديٌّ جديد
وأن هذا الغرق… تأديبٌ لا موت.
أيها الخشبُ القديم
الذي حمل النبوءةَ على ظهره
كجملٍ أضناه السراب،
أعدْ لنا اسماءنا التي ضاعت في الطين،
أعدْ لنا تراتيلَ الأوائل
وافتَحْ كُوّةً في سقفِ الرحمة
لندخل منها بقلوبٍ ليس فيها إلا النجاة
ولو كانت خرافة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى