كتاب وشعراء

قَلبٌ في حِمَمِ الطبول…..بقلم محب خيري الجمال

(1)
المدينةُ مربوطةٌ إلى عمودِ كهرباءٍ عارٍ
تصرخُ كلّما مَرَّ عليها موكبُ العتمة
والعصافيرُ تُطلِقُ أسماءَها في الريح
ولا يردّ عليها أحد
فالمقابرُ تُغني اليومَ بصوتٍ رخيم
والرُّضّعُ يتعلّمون أسماءَ الطغاة
قبل أن يتهجّوا كلمةَ أمّي
ضربتُ رأسي بمئذنةٍ
سقطتْ منها عظامُ صلاةٍ قديمة
وأجراسٌ صامتة منذُ أن رُجِمَتِ الحقيقةُ
في الساحة.
(2)
أنا آخرُ الراقصين في حفلٍ للذبائح
أدُقُّ الأرضَ بكعبي حتى ينفجرَ التاريخ
لكن الحيطانَ بكماءُ
والأبوابُ تفركُ يديها كأرملةٍ عاجزة
كلُّ من نجا من الطوفان
أصبحَ شرطيّا أو شاعرا أو سفيرا للحزن
أو خطيبَ جمعةٍ في صالة تعذيب
لستُ منهم
أنا الذي رأى الجنرالَ يتبوّل في قلبِ مكتبة
ويضحكُ وهو يقطّعُ أوتارَ القانون.
(3)
ماذا لو أطلقنا كلَّ المجانين من المصحّات؟
وألبسناهم أوسمةً وطنية؟
وتركنا العاقلين يأكلون الأتربة في ساحات الانتظار؟
من قال إننا نحتاجُ عقلًا لنحبّ؟
من قال إن العقل لا يُشنق؟
أنا ابنُ مقصلةٍ تُرضِعُ أبناءها التاريخ.
(4)
قالت لي أمي:
لا تكتب شعرا وأنتَ جائع
فكتبتُ بجوعي
فخرجَ النصُّ كجثةٍ في صندوق بريد
كلُّ من قرأه، نزف
كلُّ من فهمه، خان
كتبتُ عن خبزٍ يعلّقونه في السقف
كي لا يأكله الجوع
لكن الجوعَ تسلقَ الحائط
ونهشَ الحروف
وصوتُ أبي يعودُ من الحطب: لا تصدّق خبزَ الدولة!
(5)
رأيتُ أمةً تقفزُ من سطحٍ إلى سطح
تبحثُ عن ظلٍّ بلا قيود
عن بيتٍ بلا رقم
عن قمرٍ لا يحملُ أمرَ توقيف
لكن الأقمارَ هنا
جواسيسُ معلّقة على شاشات الأخبار
تضيء فقط لتكشفَ من نَسيَ أن ينحني
كلُّ ضوءٍ صار محضرَ ضبط
أو اشتباه.
(6)
كنا نحلمُ بأوطانٍ تنبتُ فيها الطفولة
لكننا صحونا
فوجدناها مزروعةً بالبنادق
وأمهاتٍ يرضعنَ الحقدَ
وأطفالٍ يأكلون طباشيرَهم من الجوع
من علمَ السماءَ أن تخون؟
من علّقَ الشمسَ فوق مشنقة؟
من جعلَ اللهَ موظفًا في قسمِ الشكاوى؟
كفّوا عن العبث، الإلهُ في إجازةٍ منذ مئة عام.
(7)
نعم، أحبُّ البلادَ
لكن البلادَ لا تحبُّني
تحتضن قاتلي، وتمنحني سترةً ضد الرصاص
مخرومة من القلب
(😎
سأمضي نحو المنحدر
وأغني للهاوية
أرسم فوق الجدران شعرا مشوها
أصفعه كي يستقيم
أبصق على وجهي
وأضحك:
أيها الشِعر، صِر مسدّسا، أو اصمت!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى