لا أملكُ ثمنَ الكذبةِ….بقلم سليمان أحمد العوجي

في استراحةٍ بينَ أرقَيْنِ،
أفترشُ مرجًا من آهٍ ورمادٍ.
جناحي خانَتْهُ الريحُ،
جرارُ طويتي لم تعدْ
ترشحُ زيتَ النوايا.
كلُّ المعابرِ إليكَ مقفلةٌ،
ولاهُدهُدُ الوقتِ
يأتيني بالنبأِ اليقينِ.
أعبرُ حينَ هدنةٍ
بينَ الصوتِ والصدى،
في قيلولةِ الصراخِ،
بينَ (الحلاجِ) و(لوركا).
لا تمتعضْ أيُّها الجرحُ،
إنْ أدارَ التاريخُ لكَ ظهرًا،
أو قالوا: إنك بلا نسبٍ.
ولا تلبسْ غفلةَ الشراعِ
حينَ تواتي الريحُ
كالميثاقِ بينَ الوردةِ والنَّدى.
عهدي لقلبكَ –
نمْ على يدي كعصفورٍ
خلعَ قفازَ الخوفِ.
ماءُ الكذبةِ لم يعدْ يمرُّ
من بينِ أصابعي،
ولا كفي عادَ مغفلًا.
قلْ لمن مسخَ الجنانَ قفارًا،
وجاءَ بالقشعريرةِ من أقاصي الصقيعِ:
كلبُ (بافلوف) لم يعدْ
في حظيرتي منعَّمًا.
وأنتَ مخنَّثُ البختِ،
تتناهبُهُ فحولةُ الأقدارِ،
فتحبلُ الرزايا بأنصافِ الرجال.
وذبابُ الوهمِ يحومُ على
موائدِ اليقينِ…
كَماءِ العجزِ تطوفُ على
الأغراسِ مقطوعَ اللسانِ.
تطاردني بـ (كيفَ) كالسيفِ،
كمن يطلبُ من النهرِ
تعليلَ مجراهُ…
ومن القصائدِ أن تشرحَ
موتَها حين تنامُ القريحةُ،
ومن البارودِ أن يتبرأَ
من دمِ الهديلِ…
حين يُطفئُ الليلُ آخرَ
المدنِ وينامُ.
تنصبُ الأقدارُ فخَّ الغيابِ،
يحضرون كديدانِ المقابرِ
بعدَ الموتِ…
اخلعْ خفَّ النسيانِ،
وامشِ حافيَ الذاكرةِ
على بطاحِ القناعةِ.
جيادُ الكراماتِ ركنتْ صهيلَها،
تلهو بأعشابِ الرضا
وتقيمُ قداديسَ القبولِ.
لم يكترثْ مسيحُكَ بصليبهِ،
وهم يناكدونَ رسلَ السؤالِ
بجاحدِ الجوابِ…
كراهبٍ بالإكراهِ،
لا تغويهِ قيامةٌ،
ولا تُرفَعُ لغدِهِ الأنخابُ.
لابدَّ أني أعرفُكَ.
قلتُ: أنا من كانَ يبيعُ
كحلَ الكآبةِ للعذارى.
لا.. لا أعرفُكَ قبلَ ذلكَ.
قلتُ بلى قبلَ أن تمرَّ
سبَّابةُ الطغاةِ على شفتي الحرونِ.
يومَ فتحتُ بابَ الكلامِ،
واستيقظَ الحرَّاسُ على الصريرِ.
قبلَ أن يغفرَ نخلُ المعروفِ
تجاهلَ النهرِ…
كنتُ عرَّافَ الجمرِ
في مواقدِ الشفاهِ،
كلَّ رعايا مملكتي
أقلياتٌ من ملحٍ وشمعٍ،
أقدارُها نارٌ وماءٌ.
لا تقلْ عني (مُسَيْلَمَةَ)،
فأنا لا أملكُ ثمنَ الكذبة.