رشاد حامد يكتب :السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية

بعد اعلان السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية اليوم، بدا واضحًا لي أنه كان هناك “مسرحًا تمهيديًا” يجري إعداده قبل الإعلان عن السردية.
– أواخر أغسطس: رئيس الوزراء صرّح بأن “الحكومة ستضع خطة الدولة حتى 2030”.
– الأسبوع الأول من سبتمبر:
— د. محمود محيي الدين – المدير التنفيذي بصندوق النقد – أكد أن مصر تحتاج الآن إلى برنامج وطني غير مرتبط بالصندوق.
— د. محمد معيط – وزير المالية السابق – شدّد بدوره على ضرورة وجود رؤية اقتصادية وطنية مستقلة.
– اليوم: جاء الإعلان الرسمي عن “السردية الوطنية” باعتبارها الإطار الذي سيحكم التنمية الاقتصادية حتى 2030 وما بعدها.
من وجهة نظري، من الصعب اعتبار هذا التتابع مجرد مصادفة.
– رئيس الوزراء مهّد الطريق بالحديث عن خطة حتى 2030.
– محيي الدين، القادم من قلب صندوق النقد، قدّم شهادة “شرعية دولية” بأن مصر يجب أن تملك برنامجها المستقل.
– معيط، بصفته رمزًا للسياسة المالية، عزّز الخطاب بوزن داخلي محلي.
النتيجة أن السردية الوطنية بدت وكأنها نتاج إجماع وطني ودولي، وليست مبادرة حكومية منفردة. من وجهة نظري، ما جرى هو حملة اتصالية مدروسة لتسويق السردية قبل إطلاقها رسميًا، وضمان استقبالها بزخم لا يقل عن زخم برامج الإصلاح مع الصندوق.
– ما هي السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية؟
السردية الوطنية، التي أُطلقت اليوم، ليست مجرد برنامج مرحلي، بل إطار استراتيجي طويل الأمد يربط بين رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة وقوانين التخطيط والمالية العامة.
ترتكز على ثلاثة أهداف كبرى:
1. الاستقرار الاقتصادي الكلي.
2. تحسين التنافسية وجذب الاستثمارات، مع توسيع دور القطاع الخاص.
3. التحول الأخضر والاستدامة.
بعبارة أخرى، هي خريطة طريق وطنية تُعيد صياغة برنامج الإصلاح الاقتصادي في شكل وثيقة وطنية ذات “ملكية داخلية”، لا كمجرد التزامات تمويلية مع الخارج.
– التوقيت هنا بالغ الأهمية:
— بما أن برنامج الصندوق الحالي سينتهي في 2026، فإن إطلاق السردية الآن يوجّه رسالة بأن الإصلاح لن يتوقف بخروج الصندوق.
— الهدف مزدوج: طمأنة الداخل بأن الدولة لديها خطة وطنية، وطمأنة الخارج بأن المسار الاقتصادي منضبط ومستمر.