صوت أسكته رصاص الاحتلال.. وأعادته كاميرا كوثر بن هنية..!)
فيلم "هند رجب" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية..

كتب :محمد المحسن
مما شك فيه أن السينما هي سلاح ثقافي فعّال في معركة الرواية.إنها لا تنقل “الأخبار” فحسب، بل تنقل “المشاعر،الذكريات،والروح الإنسانية” للشعب الفلسطيني.ومن خلال قوتها العاطفية والتجسيدية،تنجح في خلق تعاطف عالمي ووعي نقدي بأبعاد القضية الفلسطينية التي قد تفشل وسائل الإعلام التقليدية في إيصالها،مما يجعلها واحدة من أهم الأدوات في إيصال الصوت الفلسطيني للعالم.
وبالتأكيد.تُعتبر المخرجة التونسية كوثر بن هنية، واحدة من أبرز المخرجات التونسيات والعربيات على الساحة السينمائية الدولية في الوقت الراهن. إتميزت إبداعاتها بالجرأة،والعمق،وخلط الأجناس السينمائية،وطرح أسئلة وجودية وسياسية وجندرية معقدة.
هذه هي السمة الأبرز في عمل بن هنية.لا تلتزم بالحدود التقليدية بين الفيلم الوثائقي والروائي، بل تخلق مساحة رمادية تسمح لها بسرد قصص أكثر تعقيدًا ومرونة.وتستخدم أحيانًا شخصيات حقيقية تلعب أدوارًا متخيلة،أو العكس.
هذا،وحظيت كوثر بن هنية بتقدير نقدي كبير من أبرز المهرجانات العالمية مثل مهرجان كان السينمائي (كان فيلمها “الرجل الذي باع ظهره” ضمن السباق الرسمي)،ومهرجان البندقية، ومهرجان تورونتو.وترشحها للأوسكار جعلها من أكثر المخرجات العربيات تأثيرًا في القرن الحادي والعشرين.
في هذا السياق،نشرت وكالة” رويترز ” تقريرا عن عرض فيلم “صوت هند رجب” للمخرجة التونسية كوثر لن هنية في مهرجان البندقية،مما جاء فيه :
“قوبل الفيلم بتصفيق حار استمر 24 دقيقة خلال العرض الأول،وهي أطول مدة مسجلة في هذا المهرجان حتى الآن،مما يشير إلى أنه المرشح الأوفر حظا لدى الجمهور في الفوز بجائزة الأسد الذهبي التي ستُمنح في السادس من سبتمبر
وهتف بعض الأشخاص من الجمهور “فلسطين حرة”.
واستقطب الفيلم بعض الأسماء اللامعة في هوليوود كمنتجين منفذين،مما منحه ثقلا إضافيا في صناعة السينما،لما في ذلك الممثلون براد بيت وخواكين فينيكس وروني مارا.
وقالت المخرجة التونسية كوثر بن هنية التي كتبت السيناريو أيضا إن صوت هند تجاوز مأساة واحدة.
وأضافت “عندما سمعت صوت هند للمرة الأولى، كان هناك ما هو أكثر من صوتها.لقد كان صوت غزة ذاتها تطلب المساعدة..الغضب والشعور بالعجز عن فعل شيء هما من ولّدا هذا الفيلم”.
وقالت كوثر “الرواية المتداولة حول العالم هي أن من يموتون في غزة هم أضرار جانبية.أعتقد أن هذا تجريد من الإنسانية،ولهذا السبب فإن السينما والفن مهمان لإعطاء هؤلاء الناس صوتا ووجها. نحن نقول كفى،كفى هذه الإبادة الجماعية”.
وقال الممثلون الذين أدوا أدوار موظفي الهلال الأحمر إنهم لم يسمعوا تسجيلات هند إلا في موقع التصوير،مما جعل التصوير عملية مؤثرة للغاية.!
وقال الممثل الفلسطيني معتز ملحيس “مرتان لم أستطع فيهما مواصلة التصوير.أصبت بنوبة هلع”.
أما أنا،لأكون صادقا أقول إنني الآن..وهنا،وأنا غارق في عجزي،أحسّني على حافة ليل طويل،موغل في الدياجير،ولا أستطيع أن أعزّي النفس بأنني أنتظر فجرا أو قيامة.
* يوثّق “فيلم صوت هند رجب” الذي عُرض ضمن فعاليات المسابقة الرسمية للدورة الـ 82 لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي. اللحظات الأخيرة للطفلة الفلسطينية هند رجب قبل استشهادها على يد حفاة الضمير.
وفاز فيلم “صوت هند رجب” بالأسد الفضي في مهرجان البندقية السينمائي،وهي ثاني أرفع جائزة في هذا المهرجان.ويستند الفيلم-كما أشرنا-إلى أحداث واقعية عن قتل دبابة إسرائيلية الطفلة الفلسطينية هند رجب.
واستندت التونسية كوثر بن هنية مخرجة “صوت هند رجب” إلى تسجيلات صوتية حقيقية للمكالمة بين الطفلة الشهيدة البالغة 5 سنوات وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني،طلبا للنجدة قبل مقتلها.
وعُثر بعد 12 يوما على هند قتيلة داخل سيارة مثقوبة بالرصاص في مدينة غزة كانت فيها مع خالها وزوجته وأبنائهما الثلاثة الذين قتلوا جميعا.
هذا،واتسم افتتاح مهرجان البندقية السينمائي برسالة مفتوحة كتبتها مجموعة “البندقية من أجل فلسطين” التي أسسها 10 مخرجين إيطاليين مستقلين،تدين حرب الإبادة والتجويع على قطاع غزة.يشار إلى أن فيلم “صوت هند رجب” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية تحصّل على جائزة “الأسد الفضي” في مهرجان البندقية السينمائي.وقالت مخرجة العمل التونسية كوثر بن هنية التي صفق لها الحاضرون وقوفا عند استلامها جائزتها “لا يمكن للسينما أن تُعيد هند إلى الحياة وتمحو الفظائع التي ارتُكبت بحقها”، لكنّها “قادرة على حفظ صوتها (…) لأنّ قصتها ليست لها وحدها، بل هي قصة مأساوية لشعب بأكمله يعاني من إبادة جماعية ترتكبها حكومة إسرائيلية مجرمة تتصرف بإفلات من العقاب”.