كتاب وشعراء

د.فؤاد شهاب يكتب :مع مريم … لقاء يوحد القلوب ويكتب الأمل

أ.
‎في أمسية استثنائية احتضنتها نقابة الصحفيين المصريين، جرى تدشين الطبعة الثالثة من كتابي “حبيبتي ابنتي سميتها مريم”. لم يكن الحدث مجرد إصدار لكتاب، بل لحظة إنسانية باذخة بالحب والوفاء، جمعت بين أبٍ يروي تجربته وبين ابنةٍ صنعت من الحلم حياة، وبين حضور عربي كريم شاركنا هذه التجربة بوصفها رسالة وحدة وأمل.

كتبت هذا العمل لا كأستاذ جامعي، بل كأب يؤمن أن الحب طاقة ومعجزة قادرة على إعادة تعريف الممكن. حين تحدثت عن مريم، لم أسرد سيرة شخصية بقدر ما فتحت نافذة على نور إنساني يقول بثقة: “أنا أقدر… فقط آمنوا بي.”

لقد غمرتني القاهرة بكرمها المعهود، إذ تجاوبت الصحافة والفكر والجمهور مع هذه التجربة، وأثبتت أن مصر ما زالت قلب العرب النابض، وأن الأمة بخير ما دام هذا القلب حيًّا. وكما قيل منذ عقود: “إن أردت أن تعرف حال الأمة العربية، فانظر إلى مصر…”، واليوم يمكننا القول بكل يقين: مصر بخير، ومعها تتجدد قلوب العرب.

كلمة مريم لم تكن مجرد خطاب، بل صرخة في وجه الشفقة والتهميش، وثورة على الصور النمطية التي تحاصر ذوي الهمم. كانت دعوةً للكرامة قبل الحقوق، وللشراكة لا للعطف. لقد طالبتنا بأن نعيد النظر في مفاهيمنا، وأن ندرك أن الإعاقة ليست في الجسد، بل في نظرة المجتمع القاصرة.

لم يكن الحفل احتفاءً بكتاب، بل احتفاءً بالإنسان وقيمته. كان مناسبة لنقول إن قوة العرب في وحدتهم، وإن اختلافاتهم يمكن أن تكون مصدر إبداع لا سببًا للانقسام.

ومن هذا المنبر، أرفع شكري العميق لكل من حضر أو شارك أو ساهم في إنجاح هذه الأمسية. شكرًا للصحفيين والمفكرين، للزملاء والأصدقاء، لكل قلب شاركنا المشاعر الصادقة، ولكل من آمن أن الحب يمكن أن يصنع المستحيل.

إلى ابنتي مريم… شكرًا لأنك جعلتِ من الأبوة موقفًا، ومن الحب بيانًا، ومن الألم قصيدة انتصار. لم أكتب قصتك لتكوني ملهمة فحسب، بل لتبقى رسالتك وحقوق من يشبهك حيّة في ذاكرة هذا العالم.

إن كتاب “حبيبتي ابنتي سميتها مريم” ليس سيرة فردية، بل شهادة جماعية لكل من قاوم بصمت، ولكل من واجه المجتمع بشجاعة، ولكل من آمن أن الحب حين يكون صادقًا… فإنه قادر على أن يصنع الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى