السفير أحمد مجاهد يكتب :الضربة الإسرائيلية على الدوحة صفعة للسيادة العربية

وتقديرى ما زال كما هو، بل يتعزز مع تحركات نتنياهو فى الهروب إلى الأمام، مهما كانت التكلفة السياسية لقراراته باللجوء إلى القوة الغاشمة والإجرام المتبجح.
إسرائيل تمضى فى طريق اللاعودة.
أى مكسب استراتيجى ستحققه إسرائيل الآن سيكون بمثاية نصر بيروسى Pyrrhic victory.
النصر البيروسي هو نجاح عسكرى يُحرز بثمن باهظ للغاية بحيث يكون مساويا للهزيمة، إذ ينتج عنه أضرار جسيمة للمنتصر لا يمكن إصلاحها أو تعويضها.
يعود أصل المصطلح إلى الملك الإغريقى القديم “بيروس” حاكم إبيروس، الذي نُقل عنه قوله بعد انتصار مكلف على الرومان: “انتصار آخر كهذا وسنهلك”.
يستخدم هذا التعبير في السياقات العسكرية أو السياسية أو حتى الشخصية، عندما تكون الثمن الذى تم دفعه لتحقيق نصر أو مكسب أكثر جسامة من قيمة الفوز ذاته.
إسرائيل-نتنياهو تسعى لاغتنام الفرصة السانحة وتسوية غزة بالأرض والتخلص من سكانها بالإبادة أو التهجير وفرض الهيمنة الإقليمية بالقوة تحت غطاء إدارة ترامب، وقد تنجح فى فرض إرادتها مرحليا نتيجة البون الشاسع فى القوة.
يغيب عن كثير من المحللين أن إسرائيل لم تنتصر حتى الآن على المقاومة فى غزة، ولم تحقق أهدافها المعلنة فى القضاء على حماس أو تحرير الرهائن، إلخ.
حتى الطرح البديل الذى يتم الترويج له -إن إسرائيل هدفها الأصلى تغسير الخريطة وتوسعة حدودها- غير واضح غايته النهائية Endgameأو طرق تحقيقه.
فى الوقت نفسه تخسر إسرائيل -خسرت بالفعل- أبرز نقاط قوتها:
خسرت سرديتها التى تأسست عليها وتاجرت بها وحشدت على أساسها الحلفاء وقطاعات
واسعة من الرأى العام العالمى منذ عام ١٩٤٨.
وما أدراك ما خسارة السردية!
أحرجت حلفاءها الدوليين وتفقدهم تباعا على الطريق، لتصبح للمرة الأولى محاصرة فى عزلتها الدولية المتزايدة،
وأيضا زلزلت الثوابت الإقليمية التى ضمنت لها الاستقرار والتغلغل الهادئ لعقود طويلة،
كما هدمت بضربتها العقيدة والترتييات الدفاعية الأمنية الخليجية مع الولايات المتحدة القائمة على اعتبار إيران مصدر التهديد الوحيد أو الرئيسى للخليج، وضربت فى مقتل مصداقية الحليف الأمريكى والثقة فى قدرته على حماية أمن الخليج.
حتى مع ما يبدو من غياب للخيارات أمام دول الخليج، فإن الخطوة القادمة ستكون بالضرورة مراجعة علاقاتها مع أمريكا. وهو تطور لو تعلمون خطير.
تقديرى أن إعلان الجمعية العامة بشأن تبنى حل الدولتين وانعقاد قمة الدوحة اليوم وما تضمنته من إعلان مواقف جادة من الدول العربية والإسلامية تطوران مهمان، حتى وإن بدا غير ذلك فى هذه اللحظة.
يجب البناء على هذه المواقف، والتشبيك مع مجموعة لاهاى، ومواصلة التصعيد الدبلوماسى والقانونى-العربى والدولى- بقوة وبسرعة وفى كل المحافل وعلى كل المستويات لردع الإجرام الإسرائيلى السافر، وإيصال رسائل واضحة لواشنطن.
السلوك الإسرائيلى تهديد وجودى واضح للمنطقة، ولابد من ردعه ومجابهته.