د.فيروزالولي تكتب:حين تُصبح “الزلابيا” قضية أمن قومي!

في بلاد العجائب، كل شيء ممكن… حتى أن “زلابية” محترقة على طرف شارع، قد تفتح بوابة إلى أعماق الفساد، وتكشف عن أسرار الدولة العميقة!
نعم، نحن لا نبالغ. قضية الحاج “علي دبوان” – بائع الزلابيا المسكين الذي احترق وجهه، لا بسبب الزيت المغلي، بل بسبب “حرارة العدالة الباردة” – تحوّلت من حادثة مؤلمة إلى مسلسل درامي من إنتاج القضاء، وسيناريو من تأليف العدم، وإخراج الغموض.
في الجلسة الرابعة، وقف المحامي الجهبذ مدافعًا عن موكله (الجاني)، وطالب بإطلاق سراحه “بضمانة”. ضمانة ماذا؟ ضمانة ألا يهاجم الناس مرة أخرى؟ أم ضمانة أن يختفي فجأة في ظروف غامضة ويظهر في تركيا كلاجئ سياسي؟!
لحسن الحظ، القاضي (الذي يبدو أنه ما زال يحتفظ ببعض خلايا ضمير لم تُستبدل بعد ببطاقات VIP) رفض الطلب، مؤكدًا أن القضية “جسيمة”، وأنها “شروع بالقتل” ومصنفة “قضية رأي عام”. وهذا تطوّر خطير في البلاد… أن يتم تذكير الناس فجأة أن هناك شيئًا اسمه “رأي عام”!
المحزن في القضية ليس فقط ما تعرض له الحاج علي، بل ما تعرض له المنطق نفسه، حيث تُبذل محاولات مضنية لإطلاق سراح الجاني، وكأننا أمام فيلم هندي قديم، حيث القاتل يخرج من المحكمة يلوّح بيده للجمهور، ويطلب من الضحية أن “يسامحه من قلبه” لأنه كان “يمرّ بظروف نفسية”.
أما الضحية؟ فهو يُمنح موعدًا مفتوحًا مع الألم. لا يستطيع النوم، جلده يُعيد اختراعه، والتقارير الطبية تقول إن التشوهات قادمة، ولكن… لا بأس! فهناك وعود من فاعلي خير، أحدهم – ويُقال أنه “سمير العواضي” – أعلن عن تكفّله بعمليات التجميل، لكن يبدو أن وعوده دخلت هي الأخرى في غيبوبة، أو ربما تنتظر موافقة لجنة المناقصات.
يا سادة، نحن لا نطلب المستحيل. فقط نريد عدالة لا تحتاج إلى تأشيرة خروج، ولا تخضع للضمانات، ولا يتم تأجيلها حتى “تهدأ السوشيال ميديا”.
نريد محكمة لا تتعامل مع القضايا كما تتعامل المقاهي مع الزبائن: “أنت مشهور؟ خذ شاي بعدين نحاسبك. أنت فقير؟ ادفع أول!”
ختامًا، نطالب بأن تُعرض القضية في ” يوم الجمعة لنصرة غزة ” ، بعنوان:
“العدالة بالضمان.. وتشوهات بائع الزلابيا”
بطولة: جريمة، وعدالة معلّقة، وضحية لا حول لها ولا قوة.
ويا قضاة الأرض…
اتركوا لنا قليلًا من الإيمان بالعدالة، فالله لا يُصلح عمل المفسدين، مهما كانت ضماناتهم.