محمد المحسن يكتب :تونس..بيئة خصبة لازدهار التقنية والابتكار..بوجود علماء مثل كريم بقير..

يشهد العصر الحالي تحولاً غير مسبوق في مجال التكنولوجيا،حيث أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) محركاً أساسياً للابتكار والنمو الاقتصادي.ومع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها في مختلف القطاعات،برزت فرص استثمارية هائلة تجذب المستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء.لكن الاستثمار في هذا المجال لا يخلو من التحديات والمخاطر التي تتطلب فهماً عميقاً واستراتيجيات مدروسة.
في هذا السياق،نشير إلى أن الذكاء الاصطناعي هو مجال من مجالات علوم الكمبيوتر يهتم بتطوير أنظمة قادرة على أداء المهام التي تتطلب ذكاءً بشرياً،مثل التعلم،والتفكير المنطقي، والتكيف مع البيئات المتغيرة.وتعتمد هذه الأنظمة على خوارزميات التعلم الآلي التي يتم تدريبها على كميات هائلة من البيانات،مما يمكنها من التعرف على الأنماط واتخاذ القرارات وتقديم تنبؤات دقيقة .
من الناحية الاقتصادية،يُتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد العالمي بقيمة هائلة تقدر بـ 15.7 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، وفقاً لتقديرات شركة “برايس ووترهاوس كوبرز”. هذه القيمة الاقتصادية لا تعيد تشكيل مشهد الأعمال التجارية فحسب،بل تعيد تعريف نسيج القوى العاملة والمجتمع العالمي بأكمله.
هذا،ويسهم الذكاء الاصطناعي في تحويل قطاعات اقتصادية كاملة،مثل الرعاية الصحية، حيث يُستخدم في تحليل الصور الطبية،ومراقبة المرضى، وتطوير الأدوية.في قطاع النقل والخدمات اللوجستية،يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تحسين مسارات النقل،مما يزيد الكفاءة ويقلل التكاليف. وفي القطاع المالي، يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، وإدارة المخاطر،وتقديم المشورة الاستثمارية.
يشار إلى أن كريم بقير هو عالم ذكاء اصطناعي تونسي حاصل على درجة الدكتوراه في مجال التعلم العميق (Deep Learning) من إحدى الجامعات المرموقة.عمل في شركات التقنية العملاقة مثل Google وDeepMind،حيث شارك في تطوير خوارزميات متقدمة للتعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية.كما ساهم في تصميم نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على فهم اللغة البشرية وتوليد نصوص متماسكة،مما يضع عمله في صلب الثورة التقنية الحالية .
وهنا،يقودنا الحديث إلى أبرز إسهاماته،كتطوير نماذج توليدية قادرة على محاكاة الفكر البشري في كتابة النصوص وتحليل البيانات،أبحاث رائدة في التعلم العميق،خاصة في مجال معالجة اللغات الطبيعية (NLP)،والتي تساهم في تطوير تقنيات مثل الترجمة الآلية والفهم السياقي للغات،
المشاركة في مشاريع تهدف إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لخدمة المجتمع،مثل تحسين الرعاية الصحية والتعليم،وهو ما يتوافق مع التوجه العالمي لاستخدام الذكاء الاصطناعي للتغلب على التحديات الإنسانية والبيئية.
و يؤكد بقير على أن الهدف ليس استبدال البشر بالآلات، بل جعل الإنسان أكثر فاعلية من خلال الآليات. يدعو إلى ضرورة تعلم طرق العمل مع الذكاء الاصطناعي،وخاصة في البلدان النامية مثل تونس وإفريقيا،اتجنب الفجوة الرقمية والاستفادة من الفرص التي يوفرها هذا المجال.
ويثبت بقير أن الابتكار لا يقتصر على الدول المتقدمة، فمن الممكن لمنطقة مثل إفريقيا أن تكون قادرة على المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي عبر استراتيجيات مدروسة. ومع ذلك، يشدد على أن عدم توفر “قوة الحوسبة” (puissance de calcul) في تونس وإفريقيا يشكل عائقاً رئيسياً يجب تخطيه.
أطلق هذا الشاب العبقري( كريم بقير )مبادرة طموحة تهدف إلى إنشاء 20 مدرسة للذكاء الاصطناعي في تونس،وخاصة في المناطق الأقل حظاً مثل تطاوين وتوزر. يهدف المشروع إلى تدريب 10,000 شاب تونسي على مهارات الذكاء الاصطناعي والرقمنة،مع التركيز على توفير التعليم الجيد في المناطق ذات الأولوية التنموية .
· التمويل والأهداف: تم جمع 2 مليون دينار تونسي من مساهمات شخصية من بقير ومؤسسته، بالإضافة إلى تبرعات من الجالية التونسية، مع هدف الوصول إلى 3 ملايين دينار لتحقيق التدريب المخطط له. هذا المشروع يُظهر التزام بقير بمسؤولية اجتماعية تجاه مجتمعه المحلي .
هذا العبقري المذهل ( كريم بقير) يمثل مصدر إلهام للشباب العربي،خاصة في ظل النهضة التقنية التي تشهدها المنطقة.ووفقاً للإحصائيات المتوفرة لدينا،من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بـ 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي في مصر و13.6% في الإمارات بحلول عام 2030 .وهذا يبرز أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه العلماء العرب مثل بقير في دفع عجلة الابتكار في المنطقة.
وهنا أقول :تونس،على الرغم من كونها دولة صغيرة،إلا أنها تمتلك قاعدة متعلمة وتقاليد علمانية قوية،كما أنها كانت من أوائل الدول العربية التي شهدت تحولاً ديمقراطياً بعد”الربيع العربي”.وهذا يجعلها بيئة خصبة لازدهار التقنية والابتكار.بوجود علماء مثل كريم بقير،
يمكن لتونس أن تصبح مركزاً إقليمياً للذكاء الاصطناعي،خاصة مع الاستثمارات المتزايدة في هذا المجال عالمياً،حيث يُتوقع أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي إلى 1.81 تريليون دولار بحلول 2030 .
على الرغم من الإنجازات الكبيرة،لا يزال العالم العربي يواجه تحديات في تبني الذكاء الاصطناعي،مثل نقص البنية التحتية والتشريعات المناسبة.لكن مع وجود عباقرة مثل كريم بقير، يمكن التغلب على هذه التحديات من خلال،تعزيز التعاون بين الدول العربية في مجال الأبحاث التقنية،استضافة المؤتمرات وورش العمل التي تهدف إلى تدريب الشباب العربي على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي،وووضع استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي،كما فعلت الإمارات والمملكة العربية السعودية .
ما قبل الخاتمة :
الذكاء الاصطناعي هو أداة قوية محايدة في جوهرها،مثلها مثل أي أداة أخرى أبدع الإنسان في ابتكارها.وقيمته وخدمته للإنسانية تعتمد أساسا على كيفية تصميمها واستخدامها.إذ بإمكانه أن يكون أقوى أداة لدينا لحل بعض من أكبر التحديات التي تواجه البشرية،من الأمراض إلى تغير المناخ.
لكن تحقيق هذه الإمكانية يتطلب إطاراً أخلاقياً قوياً،وشفافية،وتعاوناً عالمياً لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي شاملاً وعادلاً وآمناً للجميع. فالمستقبل الذي نصنعه بالذكاء الاصطناعي هو مستقبل يجب أن يضع رفاهية الإنسان وقيمته في مركز تصميمه وتطبيقه.
ختاما أقول :
كريم بقير هو نموذج مضيء للعالم العربي الذي استطاع أن ينجح في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يجعله مفخرة لتونس والعالم العربي. بمساهماته وأبحاثه،ولم يثر الإعجاب علمياً فحسب،بل أصبح أيضاً رمزاً يُحتذى به للشباب الطموح في المنطقة.ومع الاستثمار الصحيح في التعليم والبحث العلمي،يمكن للعالم العربي أن ينتج المزيد من الكفاءات مثل كريم بقير،مما يساهم في بناء مستقبل تقني مزدهر..
وهنا أختم:
قد لا أضيف جديدا إذا قلت أن النهضة لا تتقدم تلقائيا في ما يشبه الحتمية،والحضارة لا تتأثر بمجرد الإستخدام الميكانيكي للآلات،والثورة لا تنجز مهامها بالأدعية والأمنيات.بل الإنسان هو صاحب المعجزة.والمعجزة لا”تتحقق” إلا بإرادة الإنسان..حين ينتصر العقل الجديد والوجدان الجديد وكذا الرؤيا الجديدة نهائيا،على فجوة الإنحطاط..
الخاتمة: نحو مستقبل ذكي وشامل
كريم بقير ليس مجرد رجل أعمال ناجح،بل هو رمز للإمكانيات الكامنة في الذكاء الاصطناعي عندما يُوجه لخدمة البشرية وتقليص الفجوات التنموية.ومن خلال رؤيته الثاقبة ومبادراته المحلية،يظهر كيف يمكن للتكنولوجيا أن تكون أداة للتمكين والتغيير الإيجابي، خاصة في المناطق المهمشة.
في الختام،فإن معجزة الذكاء الاصطناعي في القرن الحادي والعشرين لا تكمن فقط في تطوره التقني، بل في قدرته على خلق فرص متكافئة للجميع. نموذج كريم بقير يدعو العالم العربي والإفريقي إلى الاستثمار في التعليم والبنية التحتية الرقمية، واعتماد استراتيجيات طموحة لمواكبة هذه الموجة التكنولوجية دون ترك أي أحد خلف الركب.