إبراهيم نوار يكتب :إتفاقية الطاقة الأوروبية – الأمريكية تفتح دون قصد نافذة واسعة لاستخراج اقليمي عربي

اقتحمت الولايات المتحدة سوق الطاقة الأوروبي باتفاقية ضخمة تم توقيعها في تموز/يوليو الماضي تلزم الدول الأوروبية باستيراد ما قيمته 750 مليار دولار من مواد الطاقة المختلفة على مدى ثلاث سنوات حتى نهاية عام 2028. الهدف الأساسي للاتفاقية هو حرمان روسيا من سوق الطاقة الأوروبية، وإصابتها بخسائر مالية فادحة تقلل قدرتها على مواصلة الحرب في أوكرانيا، وإقامة تحالف دولي جديد في مجال الطاقة عبر شمال المحيط الأطلنطي، ما يعزز النفوذ الأمريكي في القارة الأوروبية. ومن شأن هذه الاتفاقية أن تعيد رسم ملامح سوق الطاقة في أوروبا، والتأثير على الدول الأخرى الموردة للطاقة ومنها دول عربية مثل قطر والجزائر وليبيا ومصر. كذلك فإن الاتفاقية ستترك آثارا عميقة على تسعير الغاز في سوق عقود الغاز الأوروبية، وكذلك على الاستثمارات المستقبلية. وربما تجد بعض الدول العربية ومنها مصر أنها قد تستفيد من التغيرات الناتجة عن الاتفاقية، حيث انها تتمتع بمرافق تصديرية مهمة في مجال تحويل الغاز الطبيعي إلى غاز مسال، بينما قد تواجه دول أخرى ومنها الجزائر منافسة أشد في أهم أسواقها الخارجية.
وتبدو الأهداف الكمية الواردة في الاتفاقية والمترجمة ماليا بقيمة 250 مليار دولار سنويًا خلال الفترة من 2026 حتى نهاية 2028 غير واقعية نظرًا لمحدودية قدرة الولايات المتحدة على زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال اللازم لزيادة التصدير، وانخفاض الطلب لدى الاتحاد الأوروبي، وطبيعة الالتزامات المترتبة على العقود القائمة، وتضارب بعض جوانب الاتفاقية مع سياسات الاتحاد الأوروبي بشأن المناخ، وهي سياسة على النقيض من تلك التي تتبعها الولايات المتحدة. ومن ثم فإن الاتفاقية تمثل في جوهرها رمزًا سياسيًا للتضامن عبر الأطلسي أكثر منها حافزًا مباشرًا لزيادة هائلة في نمو تجارة الغاز الطبيعي المسال. بل إن الاتفاقية، في سياقها التجاري، من المرجح أن تترك آثارا سلبية على التجارة العالمية للغاز نتيجة تحويل الواردات الأوروبية من غاز الشرق الأوسط وأفريقيا إلى موردين أمريكيين. إضافة إلى ذلك فإن الاتفاقية تتجاوز قدرات الولايات المتحدة في بعض مجالات الطاقة الأخرى مثل تكنولوجيا المحطات النووية، وإمدادات الوقود النووي، وهي مجالات تحتل فيها روسيا مكانة شبه احتكارية في العالم.