د.فيروزالولي تكتب :اليمن: الدولة التي تدعم الجميع… إلا نفسها!

في زمن التحالفات المعكوسة والولاءات القابلة لإعادة التدوير، يحق لليمن أن يدخل موسوعة “غينيس للدعم الدولي” — لا لأنه تلقى دعمًا، بل لأنه يدعم الكل… إلا نفسه!
تخيل بلدًا مفلسًا، منهكًا، محاصرًا، يعيش على المساعدات والديزل المهرب، ومع ذلك يرسل الصواريخ نيابة عن إيران، ويمنح الموانئ كـ”هدية عيدية” لدول الجوار، ويسمح بفتح معسكرات أجنبية كأننا في مهرجان دولي للأمن القومي المفتوح!
الحوثي: وكيل حصري لإيران في اليمن
الجماعة المسلحة في صنعاء قررت أن اليمن مجرد منصة لإطلاق الشعارات الثورية من نوع “الموت لأمريكا”، مع أن أقرب ما فعله المواطن اليمني لأمريكا هو استخدام فيسبوك أمريكي المنشأ ليشكو من انقطاع الإنترنت. الحوثي يقاتل بالوكالة، يدعم طهران “من قلبه”، أما إيران فتكتفي بإرسال التصريحات والتهاني… ومجسمات طائرات عند الحاجة.
الشرعية: حكومة بلا أرض… تُمنح أرضًا لغيرها!
أما الشرعية، فهي كائن سياسي يعيش في فنادق خمس نجوم، يتحدث عن سيادة اليمن من فوق سجاد سعودي فاخر. تنازلت عن ميناء عدن وكأنها تعيد قفل السيارة لصاحبها بعد انتهاء المشوار. سمحت ببناء معسكرات أجنبية على أراضٍ يمنية كأنها تبيع بطاقات عضوية في نادي السيادة المخترقة. كل هذا دون أن تنجح في ترميم مدرسة واحدة في تعز أو تشغيل محطة كهرباء في حضرموت.
الإمارات والسعودية: دعم مخصص وفق البوصلة
الإمارات بنت موانئها من ذهب، وأنشأت جزرًا صناعية في عرض البحر، لكنها وجدت في جزيرة سقطرى “وجهة سياحية” جاهزة. السعودية ترسل الوديعة تلو الأخرى، ولكن بشرط: لا تُصرف على تنمية، بل تُستخدم كإبرة تنفس مؤقتة لحكومة لا تنوي النهوض.
الشعب اليمني: بين “كانت” و”راحت”
الشعب؟ الله يعينه. ما زال يعيش على أسطوانة “اليمن كان أصل العرب”، بينما أصل الدولة نفسه صار في خبر “كان”. بين الماضي البطولي، والحاضر الكارثي، والمستقبل المجهول… صار المواطن يمنيًا بالحنين فقط.
كل طرف يتحدث باسم اليمن، بينما اليمن نفسه صار مريضًا في غرفة العناية المركزة… والجميع يتناوبون على زيارته، لا لإنقاذه، بل لأخذ “عينة” من جسده باسم الدعم والإعمار!
المستقبل؟ ربك كريم!
نعم، هذه الجملة صارت الخطة الاستراتيجية الوحيدة الباقية. لم نعد نخطط، ولا نبني، ولا نتفق… فقط نقول: “ربك كريم”، وننتظر معجزة على الطريقة اليمنية، حيث تُحلّ العقد بمزيد من التعقيد.
خلاصة السخرية؟
اليمن بلد غني، لكنه محتل بالداخل قبل الخارج. دولة تدعم الغير دون ميزانية، وتُمنح دون مقابل، وتفاوض باسمها أطراف لا تحمل جنسيتها… ومع ذلك، يقال لك: “اصبر، الخير جاي!”
والسؤال الكبير الآن:
متى يدعم اليمن… اليمن؟