رؤي ومقالات

د.فيروزالولي تكتب:”الجمهورية المُختَطَفة: من بلاد الحكمة إلى مسرح الدمار الشامل!”

في اليمن، لم يعد صباح الخير تعني شيئًا. هي مجرد عبارة طائشة تتطاير بين أفواه مكلومة وأنين أرواح قررت البقاء رغم أن الموت صار أسهل من شربة ماء. هنا، لا تحتاج إلى نشرة أخبار لتعرف ما يجري، يكفي أن تفتح نافذة بيتك – إذا تبقّى لديك بيت – لتشاهد عرضًا حيًا للموت المجاني: قذيفة تسقط، انفجار ينفجر، مواطن يختفي، وطفل يولد ليرث وطناً بلا ملامح.
بلد بـ”حكومات متعددة.. بلا دولة”
اليمن اليوم ليس دولة، بل “سيرك سياسي” متعدد الخيام. كل طرف ينصب خيمته ويرفع رايته ويصفّق لنفسه. لدينا حكومة في الرياض، وأخرى في صنعاء، وثالثة في عدن، وكلها تتنازع شرعية لا أحد يراها، كما لو كانت كأس العالم في “الكذب السيادي”.
البلد صار يشبه وجبة “مضروبة”: لا طعم، لا رائحة، فقط تخمّر سياسي وفطريات سلطة مزمنة!
المواطن اليمني: كائن خرافي في زمن الانقراض
هل رأيت من قبل مواطنًا يعيش على الحافة منذ عقد ويبتسم؟ هذا هو اليمني. لا أحد يعرف كيف ينجو. موظف بلا راتب، طبيب بلا مستشفى، معلم بلا مدرسة، وقاضٍ بلا عدالة. ومع ذلك، يستمر في العيش كأنه أحد أبطال “ذا ووكينغ ديد”، ولكن دون مكياج.
المرتب؟ حلم. الكهرباء؟ مزحة. الإنترنت؟ نكتة بايخة. الخبز؟ متاح، إذا كنت من حزب الله المحلي أو تاجر سوق سوداء.
أمراء الحرب: جوقة الزيف الوطني
كل يوم يخرج علينا زعيم حرب بلحية كثة وكاريزما مستعارة، يصرخ بالشعب وباسم الثورة والدين والسيادة، بينما هو يوقع على عقود بيع البلاد بالمتر. هؤلاء لا يقاتلون من أجل الوطن، بل من أجل الحصة الأكبر من الغنيمة، من النفط، من الميناء، من البنك المركزي، من دمائنا نحن.
هم أنفسهم الذين يخطبون عن العزة في النهار، ويسهرون على موائد الدبلوماسية الليلية ليتفاوضوا على من يسرق أكثر.
المأساة بصيغة كوميدية
المضحك المبكي أن البعض لا يزال يعتقد أننا في مرحلة “نزاع سياسي”، بينما نحن في مرحلة “التعايش مع الانهيار”، لقد تجاوزنا نقطة اللاعودة، ونحن الآن فقط نمارس هواية التحلل البطيء.
لم يعد في اليمن شيء يُصلح.. بل أشياء يجب نسفها بالكامل وإعادة بنائها: دولة، نظام، أخلاق، إعلام، وحتى ذاكرة شعبية بدأت تطبع مع القهر وكأنّه قدر سماوي.
الخاتمة: مستقبل بنكهة الرماد
فلتطمئنوا، أيها السادة.. لا شيء سيتغير قريبًا. فالمفسدون باقون، والحرب مستمرة، والعالم يتفرج، والشعب يتعوّد. وإن كان لا بد من نهاية، فهي على الأرجح ستكون مكتوبة بخط رديء على جدار مهدم:
“هنا كانت اليمن…”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى