رؤي ومقالات

وليد محمد محمد يكتب :هل ستنجح حماس في تجاوز أفخاخ خطة ترامب؟

رغم ما أعلنه القيادي في حركة حماس محمد نزال في تعليقه على خطة الرئيس الأمريكي ترامب والتي اطلقها أواخر شهر سبتمبر 2025 والمتضمنة لعشرين بندا وتحت اسم خطة ترامب للسلام أو تحقيق السلام الأبدي من انه من غير المقبول ان يكون عامل الوقت سيفا مسلطا على رقبتنا جاء رد حركة حماس قبل انتهاء المهلة المحددة بأيام على تلك الخطة مفاجئا ومعد بطريقة دبلوماسية ومتضمنا موافقتها على أكثر النقاط حساسية وإثارة للجدل فيها مع تاكيدها وبلغة سلسة ناعمة على أن ردها جاء تقديرا للجهود العربية والإسلامية وكذلك جهود الرئيس ترامب الهادفة الى انهاء الحرب على قطاع غزة وتسهيل عملية تبادل الاسرى وضمان دخول المساعدات الإنسانية فورا ورفض احتلال القطاع ومنع تهجير الشعب الفلسطيني وبناء عليه فإنها مستعدة لتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة والمتعلقة بإطلاق سراح جميع الأسرى الصهاينة الأحياء والاموات لكنها ربطت ذلك بتوفر الشروط الميدانية المناسبة والظروف الملائمة على الأرض وخاصة فيما تعلق بجثث الاسرى الأموات والتي تحتاج كما قال عضو قيادة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق الى أسابيع وربما شهور ,
تحدثت الخطة في ان غزة يجب ان تكون منطقة خالية من الإرهاب والتطرف ولا تشكل تهديدا لجيرانها وهي وصفة أمريكية صهيونية جاهزة لشيطنة فصائل المقاومة في غزة ورفع الغطاء عنها ووصمها بالإرهاب والتطرف وتجاوز للحقيقة ولطبيعة الصراع وأسبابه الممتدة لأكثر من قرن وما السابع من أكتوبر الا محطة من محطات النضال التحرري الفلسطيني الطويل مع الاحتلال ، اما البند الثاني فقد أكد على انه سيعاد اعمار غزة لصالح أهلها الذين عانوا كثيرا دون الحديث عن الذي دمرها بشكل ممنهج وتحميله المسؤولية والتعويض فيما تحدث البند الثالث عن انهاء القصف الجوي والمدفعي وتجميد خطوط القتال الى حين استيفاء الشروط للانسحاب على مراحل بمجرد موافقة الجانبين على المقترح ومع ذلك فإن الاحتلال لم يلتزم رغم دعوة الرئيس ترامب لنتنياهو بوقف الحرب فورا وواصل عدوانه وحتى بعد اعلان نتنياهو الموافقة على الخطة استمر في خلق وقائع ميدانية تتعارض مع ما جاء فيها كما واصل ارتكاب جرائمه ومواصلة عدوانه وسفك المزيد من دماء الضحايا من سكان القطاع نتيجة القصف الجوي والمدفعي والعمليات الهجومية، فيما جاء البند السادس ليتحدث وبعد إعادة جميع الرهائن ان منح أعضاء حماس اللذين يلتزمون بالتعايش السلمي ويتخلون عن أسلحتهم عفوا بينما اللذين يرغبون بالمغادرة يمنحون ممرا آمنا الى الدول التي تستقبلهم وهنا من الصعب تخيل أولئك المقاتلين اللذين قدموا انصع صور البطولة والشجاعة وهم يواجهون خلال عامين الة الحرب الصهيونية وهم يستسلمون ويسلمون سلاحهم ليمنحهم الاحتلال العفو ويمن الجلاد عليهم بالرحمة او ان يغادر أصحاب الأرض ارضهم وهم اللذين قدموا هذا الثمن الكبير كي يحافظوا عليها ومن الواضح ان المطلوب هو محاولة كسر الصورة التي رسمها المقاومون في الذهنية الإسرائيلية صبيحة السابع من أكتوبر واستبدالها بصورة مذلة ومهينة لمن قام بتلك العملية ، أما البند التاسع جاء ليتحدث عن اليوم التالي حيث ستدار غزة مؤقتا بحكومة انتقالية فلسطينية تكنوقراط غير حزبية مسؤولة عن الخدمات العامة والبلديات من فلسطينيين مؤهلين وخبراء دوليين تحت اشراف مجلس السلام الدولي الذي يرأسه ترامب ويضم أعضاء ورؤساء دول بمن فيهم توني بلير لتحديد الاطار والتنسيق لتمويل إعادة الاعمار وان تكمل السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي وتتمكن من استعادة السيطرة فيما جددت حركة حماس موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين تكنوقراط بناء على التوافق الوطني وهو موقف ليس بجديد وتم تدواله سابقا رافضة بشكل مبدأي ما ورد بهذا الخصوص من تولي هيئة دولية إدارة القطاع دون ان تذكر الخطة أية تفاصيل عن جداول زمنية أو آليات لنقل قيادة حكم غزة مستقبلا من القيادة الدولية الى السلطة الفلسطينية ويذهب البعض ان هذا البند والبندين التاليين يؤكد النية في خلق بيئة مناسبة لتطبيق الخطة التي يطمح اليها الرئيس الأمريكي للتنمية الاقتصادية لاعادة اعمار قطاع غزة وتنشيطها و تحويلها الى ريفيرا الشرق الأوسط ووجهة سياحية واستثمارية بمشاركة لجنة من الخبراء الذين ساهموا في انشاء بعض المدن المعجزة الحديثة المزدهرة في الشرق الأوسط وربط ذلك بالسماح لمن يريد المغادرة من سكان غزة بشكل طوعي و أن بإمكانهم العودة اذا ما أرادوا كنوع من ذر الرماد في العيون ، فيما أكدت حركة حماس في ردها على ان مستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الاصيلة مرتبط بموقف وطني جامع واستنادا الى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة ويتم مناقشتها من خلال اطار وطني فلسطيني جامع ستكون حماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية وهو أيضا ما يتعارض ورؤية نتنياهو ووزراء الصهيونية الدينية وكذلك ما ورد في الخطة من عدم السماح لحركة حماس بلعب أي دور حكومي او مدني في قطاع غزة وما عاد ليؤكد عليه بن غفير بأنه سينسحب من الحكومة اذا ما بقي وجود لحركة حماس بعد تسليمهم الرهائن , بينما جاء المقترح الثالث العشر ليتحدث بلسان نتنياهو وبن غفير وينص على ان توافق حماس والفصائل الأخرى على ألا يكون لها أي دور في حكم غزة بأي شكل وتدمر جميع البنى التحتية العسكرية والارهابية والهجومية بما في ذلك الانفاق ومرافق انتاج الأسلحة ولن تعاد بناؤها وسيتم تنفيذ عملية نزع السلاح تحت اشراف مراقبين مستقلين وتشمل اخراج الأسلحة من الاستخدام الدائم من خلال عملية تفكيك متفق عليها مدعومة ببرنامج دولي لشراء الأسلحة وإعادة دمجها تتحقق منه المراقبون المستقلون ، وهنا لابد من الإشارة ان حماس تجنبت في ردها الحديث او الإشارة لموضوع نزع السلاح وتركت مناقشة ذلك لطاولة المفاوضات ومن المتوقع ان يتسبب ذلك بتأخير التوصل الى توافق في المرحلة الثانية من المفاوضات ، بينما يتحدث البندين التاليين من الخطة عن انشاء قوة استقرار دولية تنشر فورا في غزة وعن دورها في السيطرة والاستقرار بعد التأكيد ان إسرائيل لن تحتل او تلحق غزة وستنسحب القوات الإسرائيلية وفق معايير مرتبطة ومعالم وجدول زمني مرتبط بعملية نزع السلاج يتفق عليه مع جيش الاحتلال,
أدركت حركة حماس حاجة الرئيس الأمريكي ترامب في هذه المرحلة الحساسة لتحقيق منجز ما في ملف الحرب التي تشنها إسرائيل منذ عامين على قطاع غزة ولأسباب كثيرة أهمها تخفيف حالة الاحتقان وغضب الرأي العام العالمي ومواصلة خروجه في الشوارع والمدن الرئيسية للتضامن مع سكان غزة بسبب الجرائم الإسرائيلية بحق الغزيين والتي ترتقي لمستوى الإبادة الجماعية واجهاض ما أحدثه تسونامي الإعتراف بالدولة الفلسطينية وخاصة بعد انضمام دول غربية وازنه الى ذلك كفرنسا وبريطانيا وفك العزلة عن الكيان الصهيوني نتيجة ضربه بعرض الحائط كل القيم والمفاهيم والقوانين الدولية ومواصلته ارتكاب هذا الحجم الهائل من الانتهاكات والجرائم وهو ما يفسر مشاركة مستويات رفيعة أمريكية وقطرية وتركية ومصرية إضافة الى شخصيات دولية عدة كوسطاء ومشرفين على عملية التفاوض الغير مباشرة بين الطرفين للوصول الى صيغ قابلة للتطبيق و بما يؤشر ذلك الى أهمية الحدث والنتائج التي ستتمخض عنه وتأثيرها على كامل المنطقة والاقليم وبناء عليه قدمت حماس موافقتها على الإنخراط في المرحلة الأولى من الخطة وربطت ذلك باستعدادها لمناقشة التفاصيل والآليات والتفاوض عليها عبر الوسطاء ,
ورغم حديث المتفائلين ان الخطة أسقطت خيار التهجير والضم وانها تضمن الانسحاب الجزئي والتدريجي للإحتلال والأهم هو وقف نزيف الدم الفلسطيني .وان المساعدات والقوافل الغذائية والإغاثية ستتدفق عبر المعابر دون تدخل إسرائيل وحماس وعبر منظمات دولية كما ورد في الخطة إلا ان حركة حماس هذه المرة وهي تخوض معركة المفاوضات الأعقد والتي سيبنى على نتائجها ليس مستقبل قطاع غزة فقط بل والمنطقة تدرك ان الشياطين تكمن دائما في التفاصيل وأن السم موجود بالفعل بالدسم وأنها في موقف تيقن فيه ان معظم تساؤلاتها واستفساراتها وملاحظاتها ستصطدم بلا أمريكية وإسرائيلية وتدرك كذلك حجم الضغط الذي تشكله الحالة المأساوية لسكان قطاع غزة والتي وصلت الى ذروة المعاناة الإنسانية من قتل وتجويع وحصار وتهجير و أن هذه الخطة تحمل في خباياها اهدافا استراتيجية أمريكية خبيثة بما يخص إعادة رسم كامل خرائط الشرق الأوسط ، وأنها تفاوض تحت ضغط التهديدات الأمريكية والصهيونية بإكمال( المهمة ) وأن نسخة الخطة المقدمة ليست تلك النسخة التي ناقشها ترامب مع وفد المجموعة العربية والاسسلامية وانما نسخة تم تعديلها مع نتنياهو وديرمر بحيث تحقق اهداف العدوان الصهيوني كاملة ونتيجة لتجربتها في هذا السياق فان الحركة وكما تسرب من معلومات ستطالب بضمانات كافية وإرادة دولية قوية تضمن عدم مواصلة الاحتلال لعدوانه واستمراره في حرب الإبادة بعد تسلمه اسراه وهو المعروف عنه ضربه بعرض الحائط بكل ما يتم الاتفاق عليه كونه يجد من يشرعن جرائمه ويبررها كما ان الحركة ستطالب بانسحاب إسرائيلي خلف الخطوط التي نصت عليها الخطة وإخلاء المناطق السكانية بالكامل ووجود ضمانات وجداول زمنية للإنسحاب
لا شك ان هذه الخطة بشكلها الحالي تطرح الكثير من الاسئلة وفي مقدمتها تلك المتعلقة بالحقوق الوطنية الفلسطينية كحق العودة والسيادة ووحدة الأرض والهوية الوطنية وحق تقرير المصير وان ما ورد في البند التاسع عشر ووفق هذه الصيغة الفضفاضة حيث تتحدث بانه مع تقدم إعادة تطوير غزة وعندما ينفذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بصدق قد تتوفر الظروف في النهاية لمسار موثوق لتحقيق تقرير المصير الفلسطيني والدولة وهو ما نعترف به كطموح الشعب الفلسطيني وهنا لابد من الإشارة الى قضية قديمة جديدة وهي المطالبة الإسرائيلية بإصلاح السلطة وهو ما لا يمكن تحقيقه وفق المعايير الإسرائيلية ، ومن البديهي ان نتسائل امام هذه المعطيات هل سيحقق الاحتلال وحكومته اليمينية المتطرفة بالمفاوضات والسياسة ما عجز عن تحقيقه بالضغط العسكري ، وفي حال فشل المفاوضات في المراحل التالية للخطة والتي تحتوي على كثير من الافخاخ هل من ضمانات كافية لمنع عودة حكومة التطرف الصهيوني لمواصلة حربها وتنفيذ أهدافها التلمودية ؟
كاتب وصحفي فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى