رؤي ومقالات

إبراهيم نوار يكتب :تمويل صفقات السلاح الأمريكية لإسرائيل خلال حرب غزة

اعتمادا على قرارات الكونغرس الأمريكي وتقارير مؤسسات بحثية رصينة مثل معهد سيبري لدراسات السلام في ستوكهولم، فإن الولايات المتحدة قدمت لإسرائيل منذ بداية حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة مساعدات عسكرية مباشرة لا تقل قيمتها عن 27.5 مليار دولار يمكن توثيقها حسب مذكرات التفاهم والاتفاقيات والصفقات المعلنة. هذه المساعدات العسكرية المباشرة لا تتضمن تكلفة المجهود العسكري الأمريكي لحماية إسرائيل مثل نشر أساطيل وقوات أمريكية إضافية في الشرق الأوسط، وترتيبات الدفاع الإقليمي عن إسرائيل التي تقوم بها قوات القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى والقيادة الجوية والأسطول الخامس الذي تتواجد قيادته في البحرين. ويتضمن دور القيادة العسكرية الوسطى تشغيل نظام الدفاع الصاروخي الجوي في الشرق الأوسط، خصوصا ضد اليمن وإيران والعراق. وتتضمن المساعدات العسكرية السماح لإسرائيل بسحب أسلحة من المخزون الاستراتيجي الأمريكي الموجود في إسرائيل. ويتم استخدام السحب من ذلك المخزون لتعويض الأسلحة والذخائر الإسرائيلية التي يتم فقدها أو استهلاكها وخروجها خارج نطاق الخدمة بسرعة ومن دون انتظار شحن تلك الأسلحة من الولايات المتحدة.
ويمكن تقسيم المساعدات العسكرية المباشرة إلى قسمين، الأول هو المساعدات التي تحصل عليها إسرائيل طبقا لاتفاقيات طويلة الأجل، بمقتضى قانون ضمان التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي على حلفائها Qualitative Military Edge والقسم الثاني هو المساعدات العسكرية الطارئة. ويشير مصطلح «قانون التفوق العسكري النوعي» إلى معايير لها قوة القانون تلزم السلطة التنفيذية (الرئيس ووزراء الدفاع والخارجية والخزانة) بألا تؤثر مبيعات أسلحة أمريكية بعينها إلى دول في الشرق الأوسط تأثيرا سلبيا على التفوق العسكري الإسرائيلي. ويُعدّ هذا القانون عنصرًا أساسيًا في التزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل، منذ صفقة طائرات الإنذار المبكر «الأواكس» الأمريكية إلى السعودية التي اعترضت عليها إسرائيل أثناء حكم الرئيس رونالد ريغان في ثمانينات القرن الماضي، لكن تم تمريرها مع تعهد عسكري أمريكي بالمحافظة على تفوق إسرائيل على دول المنطقة. وصدر هذا التعهد في صيغة قانون عام 2008 يتم تأكيده تقريبا كل عام بتشريعات أمريكية جديدة، خصوصا في فترات التوتر الإقليمي. ويضمن التفوق العسكري النوعي «قدرة إسرائيل على مواجهة أي تهديد عسكري تقليدي ذي مصداقية وهزيمته، مع تحمّل أدنى قدر من الأضرار والخسائر البشرية، وذلك عن طريق نقل الحرب إلى ساحة الخصم» باستخدام التكنولوجيا والقدرات العسكرية المتفوقة.
وعلى ذلك فإن مبيعات الأسلحة الأمريكية لدول أخرى في الشرق الأوسط، تستلزم دراسة مسبقة لتقييم التأثير المحتمل على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، ولا يجوز تصويت الكونغرس بالموافقة على بيع أسلحة أكثر تقدما من تلك التي لدى إسرائيل، لأن مثل هذا التصويت يعد مخالفا لقانون المحافظة على التفوق النوعي. وفي هذا السياق فإن واشنطن تلتزم بتزويد إسرائيل بتكنولوجيا عسكرية متطورة للغاية، وغالبا ما تبيعها لها قبل عرضها على دول أخرى في المنطقة. وتُعد طائرة إف-35 المقاتلة مثالًا بارزًا على ذلك. كذلك تلتزم الولايات المتحدة بتطوير برامج مشتركة لإنتاج معدات عسكرية متطورة مع إسرائيل خصوصا في مجال الدفاع الصاروخي، مثل منظومات «حيتس» و«القبة الحديدية» و«آرو». وخصصت الولايات المتحدة ميزانية مستقلة لذلك بقيمة 500 مليون دولار سنويا، إلى جانب المساعدات العسكرية المرتبطة باتفاقيات طويلة المدى التي تبلغ حاليا 3.3 مليار دولار سنويا والمساعدات الطارئة. وتغطي الاتفاقية الأخيرة الفترة الزمنية من 2019 حتى 2028. وبدأت الاستعدادات مبكرا لوضع الخطوط العامة لاتفاقية جديدة لمدة عشر سنوات، تتضمن تيارين للتدفقات، واحد للأسلحة والمعدات الدفاعية والثاني للتدفقات المالية المرتبطة بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى