د.محمد عبد الباسط عيد يكتب :رعاية حكومية للتصوف

لاحظ كثير من الأصدقاء الحضور القوي للحالة الصوفية هذه الأيام، ولاحظوا انتشارا واسعا للخرافات والخزعبلات، ملابس غريبة، رقصات هيسترية، طبل وزمر فج، بكاء وعويل..
هناك رعاية حكومية للتصوف، ولو كان التصوف مذهبا فقهيا لاتخذته الدولة المصرية مذهبا رسميا لها، فهي تقدم أهله، وتأنس إلى أفكارهم وتصوراتهم، وهذا الاهتمام قديم جدا، يعود إلى زمن المماليك، وهو زمن المظالم بامتياز، وزمن الاهتمام بالطرق الصوفية بامتياز أيضًا.. فيه بنى المماليك الأضرحة والتكايا والخنقاوات الفخمة الضخمة، وكان كبار السلاطين يتبركون بالمشايخ والأقطاب…
وفي العصر الحديث بشقيه: الملكي والجمهوري هناك اهتمام واسع بعمارة المقامات وأهل التصوف، وخصوصا التصوف الذي يدعو إلى الانسحاب من الحياة والاتكالية والزهد والرضا بالقليل والصبر على المظالم…
هناك جانب آخر في التصوف، يمكنك وصفه بالجانب الثوري الذي ينخرط بقوة في الحياة ولا ينسحب منها، ولا ينام أهله على ظلم… ولكن هذا التصوف يحتاج تعليما وثقافة، ويحتاج وعيا وحضورا، ولأنه كذلك فلا أحد يرحب به، ولا يحد يقدم أصحابه..!
التصوف الذي تراه الآن أقرب إلى الفلكلور منه إلى التصوف، وإلى الهمبكة منه إلى الدين، وإلى الموت منه إلى الحياة، وإلى الرضوخ منه إلى التمرد..وهذا كله لا علاقة له بالدين، ونتذكر هنا عشرات الأسماء من أهل التصوف أنفسهم انتقدوا هذه التصورات بقوة.
ولكن نقول ايه؟
ناس فقيرة ومريضة ومساكين ومظاليم ولا مستقبل لهم، ليذهبوا إذن إلى الأضرحة ينادون على الأولياء والأقطاب لينقذوهم من فقرهم وينتقموا لهم ممن ظلمهم…!!
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه..!