فراج إسماعيل يكتب :إعادة إعمار غزة بعد الحرب

كم تمنيت أن يكون لدينا مقدمو برامج وصحفيون بمهارة ليزلي ستال مقدمة برنامج (60 دقيقة) على قناة CBS الأمريكية.
شاهدت سؤالها الهادئ والعميق في برنامجها يوم الأحد، لكل من جاريد كوشنر وستيف ويتكوف حول شكوك تضارب مصالح بين أعمالهما العقارية ووساطتهما لوقف الحرب في غزة وتعميرها.
السؤال ذكي جدا. ليزلي ستال، مقدّمة معروفة بأسلوبها الهادئ والعميق في طرح الأسئلة. تصوغ أسئلتها بطريقة تبدو موضوعية ومحايدة، لكنها تكشف التناقضات في مواقف ضيوفها وتدفعهم للدفاع عن أنفسهم. تمتاز ستال بقدرتها على الجمع بين اللباقة والصرامة، إذ تترك السؤال يعمل بذكاء من دون صدام، لتجعل المشاهد يرى الحقيقة من خلال طريقة تفاعل الضيف مع السؤال أكثر من مضمون الإجابة نفسها.
لم تتهم كوشنر وويتكوف مباشرة، بل قالت إن “الخطوط تبدو ضبابية” بين أعمالهما التجارية ودورهما السياسي في وساطة غزة. حين أجاب ويتكوف بأنه “لم يعد في مجال الأعمال”، لم تتركه، بل تابعت بدقة:
“لكن عائلتك ما زالت تعمل في هذا المجال.”
وهذا النوع من المتابعة الدقيقة هو ما يجعل ستال من أكثر الصحفيين قدرة على كشف التناقض دون الحاجة إلى رفع الصوت أو المواجهة الصريحة.
ستال تمثل مدرسة الصحافة الأميركية التقليدية القائمة على السؤال المخبأ وراء الهدوء، سؤال يبدو بسيطًا، لكنه يجعل الضيف إما أن يفكر بعمق أو يتعرّى سياسيًا أمام المشاهدين.
في سؤالها أشارت ليزلي ستال إلى أن الخطوط بدت غير واضحة بين أنشطة كوشنر وويتكوف التجارية مع دول الخليج، وما يقومان به في المجال السياسي من وساطة تتعلق بوقف الحرب في غزة. وألمحت إلى أن هناك تساؤلات حول ما إذا كانا قد يستفيدان ماليًا من الدور الذي يؤديانه في الشرق الأوسط.
طبعا أنكر الرجلان ذلك. وقالا إن ما يفعلانه هو لوجه الخير فقط ولن يتدخلا في أي عقود بخصوص تعمير القطاع.
لكن لماذا أثارت ستال شكوك تضارب المصالح تلك حولهما؟..
كوشنر وويتكوف ليسا دبلوماسيين محترفين ولا موظفين حكوميين الآن، بل رجلا أعمال يعملان في الاستثمار العقاري والتمويل، ولهما علاقات وثيقة مع حكومات وشركات في الخليج (السعودية، الإمارات، قطر، والبحرين).
ومن المعروف أن إعادة إعمار غزة بعد الحرب، إذا تم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، ستكون مشروعًا بمليارات الدولارات تموله دول خليجية وغربية.
كوشنر بعد خروجه من البيت الأبيض، حصل صندوقه الاستثماري Affinity Partners على استثمار ضخم من صندوق الثروة السعودي (2 مليار دولار).
وسعى إلى جذب تمويلات من الإمارات وقطر،
وهذا يثير تساؤلات عن مدى استقلال قراراته السياسية عن مصالحه المالية، خاصة عندما يتوسط في ملفات ترتبط بتلك الدول.