كتاب وشعراء

عِشْقِ الذِّئَابِ فِي وَكْرِهَا…بقلم حيدر البرهان

أَقْبَلْتُ عَلَيْكِ كَنَارٍ تَأْكُلُ صَمْتَ الْأَبَدِ
وَأَنْتِ امْرَأَةُ الْبِشَاشَةِ الْبْرُونْزِيَّةِ
ابْنَةُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ الْأُولَى
حَمَلْتِ أَسْرَارَ الْقُرُونِ فِي عَيْنَيْكِ
وَعِشْتِ مَعِي فِي تَجَمُّعَاتِ أَرِيزُونَا الْقَسْرِيَّةِ
كَنَبَاتٍ يَنْبُتُ فِي صَحْرَاءِ الذُّلِّ

يَا امْرَأَةَ الْأَصَاغِرِ
الَّتِي تَحْمِلُ فِي حَنَايَاهَا قِصَصَ الْأَنْهَارِ الْمُقَاوِمَةِ
أَنْتِ الْغَابَةُ الْأَخِيرَةُ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْعَالَمِ
وَأَنَا السُّومْرِيُّ الْغَرِيبُ
الَّذِي وَجَدَ فِي عَيْنَيْكِ وَطَنًا لِلرُّوحِ

عِشْنَا مَعًا فِي ظِلِّ الْذِّئَابِ
نُرَاقِبُ جَشَعَ الْمُسْتَوْطِنِينَ
وَنَحْمِلُ فِي أَصَابِعِنَا ذَاكِرَةَ الْأَجْدَادِ
كُنَّا نُغَنِّي لِلْأَرْضِ
وَهِيَ تَبْكِي دَمَ الْهَزِيمَةِ
وَنَرْقُصُ مَعَ الْأَطْفَالِ
وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَحْلَامَهُمْ كَالْجِرَاحِ

يَا حَبِيبَتِي مِنْ قَبَائِلِ الْأَصَاغِرِ
الَّتِي تَشْبَعُ بِالْقَمْحِ وَالْعِزَّةِ
سَأَحْمِلُ فِي قَلْبِي نِدَاءَاتِ أَجْدَادِكِ
وَأَكْتُبُ عَلَى جَسَدِكِ مَلْحَمَةَ الصَّمُودِ
فَقَدْ صِرْنَا كَالذِّئَابِ
نَعِيشُ فِي وَكْرِ الْأَحْزَانِ
وَنَحْمِي أَطْفَالَنَا بِأَنْيَابِ الْأَمَلِ

هَذَا الْعِشْقُ لَيْسَ مُجَرَّدَ لَحْظَةٍ
بَلْ هُوَ صَرِيعٌ بَيْنَ ثَقَافَتَيْنِ تَتَصَارَعَانِ
أَنَا السُّومْرِيُّ الْقَادِمُ مِنْ بِلَادِ الرَّافَدَيْنِ
وَأَنْتِ امْرَأَةُ الْقَبَائِلِ الْأَصْلِيَّةِ
جَمَعَتْنَا الْأَرْضُ الْمَسْلُوبَةُ
وَجَعَلَتْنَا نُحِبُّ بِعُنْفِ الْمُقَاوِمِينَ

سَأَبْقَى أُرَقِّلُ أَسْمَاءَكِ
فِي لَيَالِينَا الْقَاسِيَةِ
وَأَحْمِلُ فِي عَيْنَيَّ بَصْمَةَ جَدَّتِكِ
تِلْكَ الَّتِي كَانَتْ تَنْسَجُ الْحُبَّ مِنْ أَشْوَاكِ الصَّبَّارِ
وَتَنْتَظِرُ الْغَدَ الْجَمِيلَ
بَيْنَمَا كَانَ الْمُسْتَوْطِنُونَ يَسْرِقُونَ الْأَرْضَ
وَيَقْتُلُونَ الْأَحْلَامَ

يَا عِشْقَ الذِّئَابِ فِي وَكْرِهَا
يَا قُبْلَةَ الْحُبِّ بَيْنَ ثَقَافَتَيْنِ مَظْلُومَتَيْنِ
سَنَبْقَى نُقَاوِمُ كَالنَّخْلِ
وَنُحِبُّ كَالْمَطَرِ الْأَخِيرِ فِي زَمَنِ الْجَفَافِ
فَقَدْ صِرْنَا أُسْطُورَةً
تَرْوِيهَا الْجِبَالُ لِلْأَحْفَادِ
عَنْ حُبٍّ انْتَصَرَ عَلَى الْقَهْرِ
وَعَنْ إِنْسَانٍ لَمْ يَمُتْ رُغْمَ السَّيْفِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى