كتاب وشعراء

سراب الروح…بقلم زيان معيلبي

يتمرد ظلي
يخلع عني شكلي
ويمضي بي نحو ليلٍ
لم يُخلق له فجر.
أسمعه ينهش سكينتي
كما تنهش الريح أبوابًا
نسِيها الزمن مفتوحة
على الخراب.
كل الطرق التي عبرناها
تركت على صدري
ندوبًا من الغبار،
حتى غدوت جسدًا
يتحرك بوهم الحياة
وروحًا تُجرّ نفسها
كأنها تحمل رمادها في
وعاء مثقوب.
الدمع مشنقة تتدلّى
من ملامحنا والجباه تنحني
لأوجاعٍ تربّت فينا حتى
صارت سيدًا
لا نملك العصيان أمامه.
يسود الصمت الأرض
ويعلو صراخ لا يسمعه أحد.
ويمد الموت أجنحته
ككاهن أسود
وتبكي السماء على بشر
لم يَعُد يليق بهم الضوء.
من ثقل هذا الوجود،
يتكاثر السراب
كأفعى تشرب ظلالنا
وتبدأ الرحلة—
لا إلى وطن
ولا إلى حلم
بل إلى فجوة تحمل أسماءنا
وتقذفها في العدم.
إبحار بلا ماء
بلا شراع
بلا جهة تمنح للخطوة معنى.
الواقف عند حافة الحزن
لا يخشى الموت
الموت صديق قديم
نحفظ ملامحه.
إنما يخشى طعنةً تأتي
حين ينطفئ آخر قنديل
حين يشتد الليل
وينسى أن يُصبح صباحًا.
نزيف الروح جرح
يمتد كلما غاب الوطن،
فيسوّد القلب،
وتتعطّل الجهات الأربع
داخل صدرك.
ستضيع
وستلتهمك مخالب الهزيمة
كما تلتهم النيران خشبًا
مبتلًّا.
سيحتويك السراب
ويُصادرك الغياب
وستجلس—
لا كغريق يقاوم
بل كمن تعوّد الغرق
حتى صار الماء جلده الثاني.
لم تعد تقاتل للبقاء
فالرغبة انطفأت
والوجع تعلّم
أن يستوي بالفرح
حتى غدوا شيئًا واحدًا
جرحًا يمتد على زمنك كله…
ويُعيد نفسه كل ليلة.
فكل العمر جراح
وكل جرح باب
يفتح على هواء
لا يعرف أحد لمن ينتمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى