أخبار العرب

مستشارة الأسد تتحدى واشنطن وتتحدث إلى الأميركيين عبر سكايب..؟

 

عندما انتشر في واشنطن هذا الأسبوع خبر أن بثينة شعبان، كبيرة مستشاري الرئيس بشار الأسد المدرجة على القوائم السوداء للحكومة الأميركية، ستظهر في مؤتمر صحفي حول مكافحة الإرهاب سينعقد بالقرب من مقر البيت الأبيض، كانت ردة فعل إدارة أوباما كلها ريبة وحذر.

رد جون كيربي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، واصفاً شعبان بأنها “بُوق دعائي” لحكومة الأسد، التي قال الرئيس الأميركي إنه يتوجب عليها الرحيل، وكذلك قالت وزارة الخزانة إن أي تعامل مع شخص مدرج على إحدى قوائمها ممنوع قطعاً.

شعبان لم تحضر شخصياً إلى المؤتمر الصحفي الذي عُقد، اول امس، في النادي الوطني للصحافة، بل ظهرت عبر تطبيق سكايب لمكالمات الفيديو، حيث ألقت خطاباً دام 20 دقيقة، أتبعته بساعة كاملة من جلسة أسئلة وأجوبة طرحها عليها الصحفيون، وصفتها صحيفة نيويورك تايمز بأنها كانت جلسة فوق العادة وجريئة في تحدياتها أحياناً.

دافعت عن النظام بشراسة

ظهرت شعبان جالسة وراء مكتب من خلفها العلم السوري الذي زينت به ياقة قميصها كذلك، ودافعت عن حكومة بلادها بشراسة وتحدٍّ، وهاجمت إدارة أوباما متهمةً إياها بعدم الكفاءة في الالتزام بهزيمة تنظيم (داعش)، كما ألقت باللائمة على الإعلام الغربي الذي يروّج لما سمّته “سرداً خاطئاً” عن سوريا وحكومة الأسد.

في قاعة اجتماعات عادية وأمام عشرات الصحفيين المتجمهرين في مكتب الصحافة الوطني ظهرت شعبان على شاشتين رقميتين كبيرتين لتخاطب الجمع قائلة: “نتمنى على المسؤولين الأميركان قول الحقيقة لشعبهم وللعالم حول ما يجري في بلدنا، لأن طمسكم للحقيقة يكلفنا دماء. إنني أسأل: لماذا ترفض الولايات المتحدة التعاون مع روسيا لمحاربة الإرهاب في سوريا؟”.

وساد خطاب شعبان نبرة من التحدي المباشر لأسلوب إدارة أوباما في سوريا، حيث انتهجت الولايات المتحدة تمكين مجموعات المعارضة ورعاية محادثات سلام دولية تهدف إلى تحقيق انتقال سياسي هناك مع وقف العنف والصراع.

وقالت شعبان: “ما من شيء في سوريا يسمى معارضة معتدلة”، بل وصفت المجموعات المعارضة لحكومتها بـ”الحركة الإرهابية”.

كذلك رفضت مقترحاً تقدم به فريق المعارضة الرئيسي يهدف إلى إبرام هدنة عامة في البلاد طيلة شهر رمضان، إذ قالت: “لا تريد المعارضة أن تأتي إلى المفاوضات خلال شهر رمضان لأن جميعهم من الإسلاميين”.

وتفادت شعبان الكثير من الانتقادات التي وجهها أوباما وكبار المسؤولين الأميركيين للحكومة السورية، بما في ذلك اتهام الرئيس الأسد من قبل وزير الخارجية جون كيري بأنه تربطه علاقة تمويلية تكافلية مع تنظيم داعش؛ حيث ردت شعبان بقولها: “من دون أدنى شك فإن الحكومة السورية لا تشتري أبداً النفط من الإرهابيين ولا تبيعه لهم”.

وتهربت مراراً وتكراراً من السؤال حول تقارير أفادت بأن الحكومة السورية عرقلت دخول المساعدات الإنسانية الغذائية وغيرها إلى آلاف المدنيين المحاصرين مثل العالقين في داريا المحاصرة في ريف دمشق منذ سنة 2012، وقالت: “داريا هي السلة الغذائية لدمشق، ولا أحد يتعرض لمجاعة في داريا”.

وأشارت أيضاً إلى أن السوريين لطالما اعتادوا أكل الفاكهة والخضار طازجة، وأن ما ترسله لهم وكالات الغوث من معلبات ومعكرونة قد يبكيهم حسرة على أنفسهم، وقالت: “إن الشعب السوري قادر على أن يطعم نفسه”.

غضبت من الأسئلة

وانبرت شعبان غضباً من أسئلة ألمحت إلى ارتكاب حكومتها أو الاشتباه في ارتكاب أفراد في الحكومة أعمالاً إرهابية كاستخدام البراميل المتفجرة لقتل المدنيين، فقالت: “أكاد أوشك رغماً عني أن أيأس من مفهوم الصحافة الحرة، لكنكم تجبرونني على ذلك لأنكم تتحفونني بأسئلتكم النابعة من منظور مشوّه تماماً”.

وكاد المؤتمر الصحفي يتحول إلى فوضى عارمة بعدما سألها مراسلٌ عن علاقتها بوزير الإعلام اللبناني السابق ميشيل سماحة المشتبه باشتراكه في مؤامرة لقتل قادة سياسيين ودينيين لبنانيين، فقالت: “أرجو أن تكونوا بنائين في طرحكم، لأن كل ما تفعلونه حتى الآن هو مواجهتي بأمور تظنونها ستحرجني، بيد أني لا يحرجني شيء”.

وفجأة هتف مجهول من بين الحضور: “إنكم تقتلون الناس الأبرياء!”، فضجت القاعة بالصفير وصيحات الاستياء، فيما علا صوت منظم الجلسة ومشرفها بالدعوة إلى التزام الهدوء والأمن، أما المجهول الذي تسبب هتافه بالبلبلة فلم يجرِ توقيفه.

الحدث نظمته مؤسسة غير ربحية تطلق على نفسها اسم “التحالف العالمي للقضاء على القاعدة/داعش” the Global Alliance for Terminating Al Qaeda/ISIS أو “غافتا” Gafta اختصاراً، أسسها عراقي أميركي يدعى أحمد مكي قبة، ويحاول حث إدارة أوباما على التحالف مع حكومة الأسد لهزيمة تنظيم داعش.

وعقد قبة مقارنة بين شراكة كهذه وبين التعاون الذي تم بين الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت والزعيم الروسي جوزيف ستالين لإلحاق الهزيمة بالنازي الألماني هتلر.

فقال قبة: “ليس لدينا ستالين، لكن لدينا من هو أسوأ من هتلر وهما داعش والقاعدة، فإن رحل الأسد، من سيأتي بدلاً منه لتولي القيادة؟ إنهما داعش والقاعدة”.

وكان من بين الحاضرين في الجلسة بسام الحسيني، وهو همزة الوصل بين الحكومة العراقية والميليشيات العراقية المدعومة من طرف إيران. وقال الحسيني: “هذه ليست ميليشيات شيعية، بل عراقيون يناضلون لتحرير مدن العراق”.

وقالت شعبان التي أدرجتها وزارة الخزانة الأميركية على قائمتها السوداء عام 2011 إن قرارها بالظهور عن بُعد في واشنطن لا علاقة له بالعقوبات المفروضة عليها، بل السبب هو استياؤها وامتعاضها مما حدث عام 2005 غداة زيارة لها للولايات المتحدة حين جرى توقيف أحد مساعديها لمدة ساعتين دون تفسير أو سبب منطقي، ما كرّه إليها فكرة معاودة الزيارة، حيث قالت: “منذ ذلك الحين قررت ألا أزور الولايات المتحدة رغم أني تلقيت الكثير من الدعوات، بيد أني لديّ كرامة ولست على استعداد لتلقي أي إهانة في أي مطار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى