أَضْحَتْ دُمُوعُ الجَوَى تُدْمِي مَآقِينا: شهم بن مسعود / تونس
أَضْحَتْ دُمُوعُ الجَوَى تُدْمِي مَآقِينا
بَعْدَ النَّوَى و كُؤُوسُ المُرِّ تَسْقِينَا
حُكْمُ القضاء الذِي قَدْ حل أَبْعَدَنَا
قَهْرًا و مَا كَانَ هَجْرًا عَنْ تَرَاضِينَا
كُنَّا أُصَيْحَابَ و الأَشْعَارُ تَجْمَعُنَا
فَإِذْ رِمَاحُ الهَوَى مَغْرُوسَةٌ فِينَا
عِشْقٌ تَمَلَّكَ قَلْبَيْنَا و أَعْجَبُنَا
بِعِشْقِنَا و تَدَانِينَا مُدَانِينَا
تَبَدَّلَ الحَالُ حَتَّى لَسْتَ تَعْرِفُنَا
شَاءَ الغَرَامُ و لَسْنَا نَحْنُ مَنْ شِينَا
فَالحُزْنُ يُغْرِقُنَا و السُّهْدُ يُرْهِقُنَا
و الآهُ تَخْنُقُنَا و الشَّوْقُ يَكْوِينَا
و العَجْزُ يَأْسِرُنَا و القَلْبُ يَنْحَرُنَا
و الكُلُّ يَعْذِلُنَا و البَعْضُ يَرْمِينَا
تَرَى العِدَا قَدْ تَشَفَّوْا عِنْدَ فُرْقَتِنَا
و مَا اسْتَطَعْنَا بِأَنْ نُبْدِي تَشَافِينَا
غِيظُوا إِذَا مَا رَأَوْا حَتَّى تَبَسُّمَنَا
و لَمْ يَرَوْنَا بِجَوْفِ اللَّيْلِ بَاكِينَا
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الحُبَّ يُسْعِدُنَا
عُمْرًا و أَنَّا بِهِ نَنْسَى مَآسِينَا
فَإِذْ بِهِ بَغْتَةً كَالطّيْرِ يَذْبَحُنَا
مِنَ الوَرِيدِ و بِالأَتْرَاحِ يُشْقِينَا
مَنْ مُبْلِغٌ تَوْأَمِي لَيْلَى مُغَلْغَلَةً
بِأَنَّ تَوْأَمَهَا قَدْ بَاتَ مَجْنُونَا
رُوحِي فِدى مَنْ لَهَا الأَشْعَارُ قَدْ خَضَعَتْ
وَلّادَة العَصْرِ يَا مَنْ شَهْمَ تُفْنِينَا
يَا مَنْ تَبَاعَدَ كُلَّ البُعْدِ مَسْكَنُهَا
و الله إِنَّكِ فِي قَلْبِي تقرِّينَا
حَتَّى و إِنْ كُنْتُ لا أَسْطِيعُ رُؤْيَتَكُمْ
لَوْ لَحْظَةً لَسْتِ عَنْ عَيْنِي تَغِيبِينَا
لا لَسْتُ أُبْصِرُ إِلَّا مَا بَصِرْتِ بِهِ
و لَسْتُ أَسْمَعُ إِلّّا مَا تَقُولِينَا
يَا مَنْ بِوَسْطِ شغَافِ القَلْبِ نَحْفَظُهَا
حَتَّى نَغَارَ عَلَيْهَا مِنْ قَوَافِينَا
كَأنَّكِ البَدْرُ فِي العَتْمَاتِ يُؤْنِسُنَا
أَوْ أَنَّكِ الشَّمْسُ إِذْ تمحو دَيَاجِينَا
فَهَلْ كَلَامٌ لِقَلْبِي قَدْ يُكَفْكِفُهُ
و هَلْ وِصَالٌ بِهِ رُوحِي تُدَاوِينَا
مَا بَانَ رُشْدٌ لِقَلْبِي مُذْ تَبَايُنِنَا
أَوْ جَفَّ دَمْعٌ لِعَيْنِي مُذْ تَجَافِينَا
مَا كُنْتُ أَرْضَى بِعَيْشٍ بَعْدَهَا أَبَدًا
لَوْلَا قَصَائِدُهَا بَاتَتْ تُوَاسِينَا
لَوْ أَنَّهَا التَّوَّ نَادَتْنِي قَطَعْتُ لَهَا
عَوْمًا بِحَارًا كَمَا حَبْوًا أَرَاضِينَا
أَوْ أَنَّ سَقْمِيَ و الأَيَّامَ تُمْهِلُنِي
لَأَكْتُبَنَّ إِذًا فِيهَا دَوَاوِينَا
لا لَيْسَ عَيْبًا وَ لا ذَنْبًا أُقَلّدُهُ
إِذَا اتَّخَذْتُ هَوَى مَحْبُوبَتِي دِينَا
يَا لَهْفَ نَفْسي أَرَى أَرْوَاحَنَا ذُبِحَتْ
فِي مَعْبَدِ العِشْقِ قَدْ أَضْحَتْ قَرَابِينَا
صَبْرًا حَبِيبَةَ قَلْبِي أَظْهِرِي جَلَدًا
لَعَلَّ رَبِّي بِدَارِ الخُلْدِ يُؤْوِينَا
هَا قَدْ رَفَعْنَا كُفُوفًا في تَضَرُّعِنَا
عَسَاهُ حَبْلٌ مِنَ الرَّحْمَانِ يُنْجِينَا
أَفْرِغْ عَلَى القَلْبِ صَبْرًا يا مُغِيثُ فَمَا
لَنَا سِوَاكَ لَهُ مُدَّتْ أَيَادِينَا
أَسْتَوْدِعُ اللهَ مَنْ أَوْدَعْتُهَا كَبِدِي
عَسَى لِقَاءٌ قُبَيْلَ المَوْتِ يُحْيِينَا
لا بَارَكَ اللهُ فِي الوَاشِينَ أَحْسَبُهُمْ
بَيْنَ الحَبِيبَيْنِ دَقُّوا اليَوْمَ إِسْفِينَا
يَا حَاسِدِينَا افرحوا ولترقُصُوا طَرَبًا
و لْتَشْرَبُوا نَخْبَ أَشْلَاءِ المُحِبِّينَا
شهم بن مسعود