كتاب وشعراء

نهى عراقي تكتب … وتبقي مُورقة

وتبقي مُورقة

نهى عراقي

وتبقي يا أمي مورقة في الأعماق
رغم الجفاف رغم الفراق
أنتِ الغائبة الحاضرة القابعة
في حنايا الضلوع وثنايا الروح
أراكِ تبتسمين و تمرحين
بين الآفاق و في السماء
كاالفراشات الرقيقة
دائماً أذوب لكي حنين
موجوع قلبي يإنُ آنين.

منذ متي كان لكي يا أمي بديل
فعلی سبيل الفخر أنتِ و أنتهت
نساء العالمين فحبك زرع في القلوب
بساتين، ونثر الفل والياسمين
وفي ظلام القلوب أضاء قناديلَ
نثرتي عطرك في الأراضينَ
وسيرتك تفوح كالمسك
في كل مكانٍ نزلتيه ما دخل
عليكي مكسوراً كان أو مُهانا
ً إلا أكرمتِهِ وجبرتِيهِ ولا مجروحاً
وموجوعاً إلا داويتيهِ، ولا سائل
إلا و أعطيتهِ، لم أراكِ
يوما قط رددتي من وقف ببابك
كُنتِ يا سيدتي جنداً من
جنودِ رب العالمينَ.

حملتي من الدهر أحمالاً كأحمال
ِ الجبالِ لم تشتكي يوما
ً كما يشتكي الرجال
كانت دهشت الرجالَ كيف
أنتي مثابرة لا تعرفي عجز
ولا هزيمة ولا إستسلام ولا إنكسار.

أخذتُ من فمك الحكمة يا أمي
ومن قلبك الرأفة والتسامح
والعفو الجميلَ، ومن طبعكِ البساطة
والرقي و عزة النفس والروح
الراقية والخلق الرقيق

وها أنتِ رحلتي عن عالمنا
منذُ سنينَ لكن حبك يبقی
مورقاً في شغاف قلبي لن تمحوه
السنين و لا يدفن في تلال ذكريا الحنين
كنتِ سندي و حصني المانع المنيع
بفراقك لا يرافقني سوى أنين وحنين
ودمعة تحت دمعة و إختناق دمي
في الشرايين وكلمات مختبئة
في الروح تأبى النفس أن تبوح.

رحيلك أفقدني توازني كسر أضلعي
كسرني يا أمي و أصبحت عتمة روحي
لا يضيئها لا شمس ولا قمر
سألت كل الوجود و كل الكواكب
والجرات عنكِ لم أجد من يجيب
يا غاليتي، أحتاجك أمي أشكوا
أحكي أبوح أدخل في أحضانك
وأختبأ فلم يجيبني سيدتي سوى الحنين .

كانت لكِ تنحني سنابل
الخير و الجمال و الورد والبساتين
أمام حنانك و دفئك العميق
الظاهر الدفين وحبك النادر
الذي يبعث في الروح آيات
الجمال والكمال المبين
وطعم الحياة من جديد.
لن أنسى لمسة يداكِ تنثر
شذى العبير في الهواء العليل .
رحمة ربي عليكي أسكنك الله
فسيح جناته والبسك الجواهر
والحرير وسقاكي ماءاً من
عين سلسبيل اللهم أمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى