منوعات ومجتمع

ريهام عرفة تكتب : السف وسنينه

 

بما
اني عندي بنت في سن المراهقة و اخري علي اعتابها….طبيعي يكون عندي علم ببعض مفردات
لغة الشباب بتاعة اليومين دول…لغة بعيد عنكم عجيبة و مريبة بس نقول ايه…ما هو انا
لازم احافظ علي صورة ماما الكوووول زي ما بناتي بتقول عليا حتي و لو علي حساب اعصابي
احيانا علشان افضل محل ثقتهم و قريبة منهم…باحاول افضل قريبة من اسلوبهم و تفكيرهم
و باتعلم اتقبله و اتعايش معاه في محاولة اني ما افصلش نفسي عنهم و الاقيهم في سكة
و انا في سكة.

بقالي
فترة عمالة اسمع تعبير بيتبادلوه البنات مع بعض و مع صحابهم في هزارهم….
…”فلان بيسف علي فلان”….او “اسكت بدل ما يتسف عليك”….او
“شغالين عليه سف من امبارح” … قلت اشوف طيب ايه مسالة “السف”
دي….و طبعا كلنا عارفين ان السف ده مصطلح بليغ نشأ من قبل عصر “الساوند كلاود”
و “النت فليكس” و كان بيدلل علي ان شريط الكاسيت و الفيديو فيهم مشكلة و
بكرة الشريط بتخرج من مكانها…..سفت يعني….علي فكرة بناتي ما شافوش شريط كاسيت عمرهم…..المهم
ان بالرغم من ان الكاسيت اختفي لكن الكلمة دي لسة موجودة و بتستخدم في الكلام …و
طبعا واضح ان معناها ان في طرف بيسخر من فكر او فعل او قول طرف تاني عن طريق تكراره
بشكل مبتذل……امممم…..طيب تصدقوا انه مصطلح ينفع عنوان؟ …ايوة….ينفع عنوان
للمرحلة اللي احنا عايشين فيها في مصر دي….”زمن السف” ….يعني فيه ناس
تقول لك ثورة و تغيير و ناس تقول لك فساد و ظلم …الحقيقة ان الانسب هو زمن السف….لقب
سهل و منتشر و موضة في زمن ال “هاشتاج” و “شير الفيسبوك” …السف
اصبح ليه نجومه…ده حتي في كتير منهم عمل من السف career
.

مشكلة
السف مش في انه بيسخر من افعال و افكار و اقوال الغير..مشكلته فعلا في انه بيفقد الحاجة
اللي بيسخر منها معناها و قيمتها….يعني قيمة الافكار بتفقد و قيمة ابتذالها هي اللي
بتعلا…و المشكلة الاكبر ان الغالبية مش شايفة في ده مشكلة.

السف
اصبح منتشر في كل حاجة….في السف السياسي اللي بتبتذل فيه كل مقدرات الوطن في سبيل
نكتة حلوة تلف الفيسبوك….و فيه السف الديني اللي بتبتذل فيه معتقدات الاخرين اوقات
كجزء من صراع بين الاديان و المذاهب و غالبا بيكون ده لان الموضة كدة……و في كمان
السف الاجتماعي اللي بيحصل فيه ابتذال للعلاقات الاجتماعية المختلفة و بالخصوص طبعا
العلاقات العاطفية اللي من غير حاجة كتير بيعتبروها سف بالاساس….يعني مثلا لاحظت
مؤخرا كم السف اللي علي “الفريند زوون” او منطقة الصداقة….فجاة بقيت اقرأ
و اسمع كتير عن ناس بتشتكي من احبة بيحصروهم في منطقة الصداقة….و فجأة اصبح كل الناس
بتسخر من فكرة منطقة الصداقة…رغم ان المنطقة دي موجودة من زماان و اتكتب فيها روايات
و اتعمل عليها افلام…و بالرغم من ان الحبس جوة منطقة الصداقة ممكن تبقي مشكلة بجد
بتقابل ناس كتير..الا ان السف حولها لنكتة سخيفة…..و قيس باة علي كدة كل موضات السف
اللي بتدور حوالين مشاكل قديمة لكن بيستعمل فيها مصطلحات مستوردة للتعبير عنها.

يمكن
يكون السف هنا جزء من صراع الهوية اللي اصبح عنوان بيعبر عن الفترة اللي ممكن نقول
عليها عصيبة من تاريخ بلدنا…يمكن ازمة الهوية اللي بتمر بيها البلد هي في اساسها
صراع بين المشاكل القديمة و حداثة التعبير عنها…او يمكن يكون السف مش اكتر من طريقة
لملء فراغ الوقت اللي انتجه التكنولوجيا….يعني ممكن جدا نعبر بتعبير اخر عن الفترة
دي و هو “عصر الفراغ”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى