رؤى ومقالات

رياض محرم يكتب …..دراما رمضان بين الواقع والشاشة

تأتى مسلسلات رمضان لهذا العام 2018 محفوفة بهاجس رضا السلطة عنها، فهى تحافظ فى حدها الأدنى عن أى مساس بصورة ضابط الشرطة أو السياسيين ” الحكوميين طبعا”، بل إظهارهم فى صفة النبلاء طاهرى القلب واليد والبعيدين عن أى مظاهر للفساد أو الإنحراف، قس على ذلك جميع ما تناولته من أوضاع مجتمعية، عدا بعض الخروج اللفظى من إستعمال شتائم وسباب صادمة بحجة أنها من الواقع المعاش، وإغراقها فى مشاهد العنف والدم والجريمة.

إبتعد كثير من نجوم الصف الأول عن المشاركة هذا العام تاركين أمكنتهم لممثلين وفنانى الصف الثانى والثالث، وقد يعود سبب ذلك لعزوف منهم، بسبب ضغط التكاليف والأجور، أو بسبب خفوت الأضواء حولهم، لكن حافظ بعض المخضرمين على مكانهم لخشيتهم من فقده للأبد أمثال عادل إمام والفخرانى ويسرا، وظهرت بشكل فج ومبالغ فيه هذا العام الألفاظ والإيحاءات الجنسية ما إستدعى الرقابة الى منع الصوت عن بعضها، كما تفاقمت ظاهرتى التدخين والمخدرات بين الجميع وخاصة النساء التى شملت كثيرات ممن يحمل الجمهور لهن نظرة مغايرة كنيللى كريم فى إختفاء وغادة عبد الرازق فى ضد مجهول، وحنان مطاوع وريهام عبد الغفور فى الرحلة، وندى بسيونى فى مليكة وغيرهن كثيرات.

رغم محاولة عادل إمام الفكاك من أسر يوسف معاطى الى شكل آخر متقدم ممثلا فى ورشة للسيناريو مكونة من 3 عناصر مهمة فى هذا المجال، لكن للأسف فقد تم التعامل مع السيناريو بخفة وإستعجال، فالبطل فى عوالم خفية هو الصحفى الشهير هلال كامل الذى يتولى البحث عن أسماء مسؤولين مهمين في الدولة تضمنتها مذكرات “مريم رياض”، التي وقعت في يديه بالصدفة، معتمدا على قدرات خارقة فى البحث والإستقراء لا يتلاءم مع العمل الصحفى ولا ظروف عادل إمام العمرية والصحية التى بدت واضحة، وأعتقد أن محاولات عادل إمام الإستمرار فى تحديه للزمن تأتى على حساب تاريخه قبل كل شيئ، وكان الأولى أن يتأسى بالفنان دريد لحام الذى قرر الإبتعاد عن الشاشة فى الوقت المناسب.

الكاتبة مريم نعوم وبعد نجاحها المتميز فى السنوات السابقة دخلت الى ميدان الدراما هذا العام من خلال مسلسل أبو عمر المصرى الذى لعب بطولته النجم أحمد عز، وتردد كثيرا قبل عرض المسلسل ذكر أنه يعتمد على رواية واقعية، (إختلط الأمر علينا مع شخصية أبو عمر المصرى إمام المسجد السكندرى الذى خطفته المخابرات الأمريكية فى روما وسلمته الى الأمن المصرى لينتزع إعترافاته)، لكن المسلسل كان بعيدا تماما عن تلك الشخصية وقام أساسا على شخصية «فخر الدين» المحامي الحقوقي الذي يدافع عن المظلومين ويورطه دفاعه في مشكلة كبيرة مع جهاز الأمن الذي يسعى للتخلص منه، ولكنه يهرب ويتحول إلى إرهابي خطير، يعود لمصر للانتقام من كل من آذوه في حياته.

فى مقدمة الأعمال المتميزة هذا العام مسلسل ليالى أوجينى الذى أحدث حالة خاصة تشبه فى السيناريو والتمثيل مسلسل جراند أوتيل الذى صنع نفس الأثر، ليالي أوجيني بطولة ظافر العابدين وأمينة خليل وكارمن بصيص وانتصار وإنجي المقدم الذين قدموا عملا جماعيا قى إطار درامى مدروس بعناية، ورغم أنه مستوحى من عمل أسبانى لكن المعالجة الدرامية كانت قادرة على تقديمه بشكل إنسانى راق، تفوق فيه هانى خليفة مخرج سهر الليالى الذى لضم شخصيات العمل فى نسيج خاص من الدانتيلا، ونجح فى توظيف كافة العناصر من ديكور وموسيقى فى إطار متناسق.

مسلسل كلبش قدم مصالحة مفتعلة مع رجال الشرطة كما يروها هم، فأظهر الضغوط التي قد يتعرضوا لها، والصراع النفسي بين المهنية والاستخدام السيئ للسلطة، وذلك رغم “النواحي الفنية” المغايرة للواقع الذى نعيشه يوميا وإستمرار التعالى والعنف والتعذيب كما كان بل أفدح.

رغم كل عيوب الدراما هذا العام فقد أفسدت فقرات الإعلانات المطولة متعة المشاهدة على الجمهور فى البيوت وساهمت فى تشتيته وعدم قدرته على متابعة أى مسلسل بشكل منتظم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى