رؤى ومقالات

أشرف الصباغ يكتب ….المصريون يخافون التغيير

محدش محتاج إنه يخوِّف المصريين من التغيير بشكل عام، ومن التغيير عن طريق النخب السياسية والفكرية من خارج السلطة بالذات. المصريين بيخافوا تاريخيا من أي تغيير . وبيطمئنوا لما التغيير بيحصل عن طريق نفس السلطة الحاكمة أو من المؤسسة العسكرية تحديدا. ودي مسألة تاريخية لها أسبابها وجذورها. أي نظام سياسي ليس بحاجة لتخويف المصريين، وإنما يمكنه ببساطة استخدام الشك والخوف المرضين المزمنين لدى المصريين لإبعادهم عن أي تغيير، أو لإقناعهم بأن أي تتغير لا يقوده أو لا يشارك فيه كطرف رئيسي، هو مؤامرة، أو في أحسن الأحوال حركة غير مدروسة وغير محسوبة تتسبب في تدمير البلاد وانهيارها، ويمكنه أن يضرب مثلا بانتفاضة يناير ١٩٧٧ أو بثورة يناير ٢٠١١!!!!
ولا يجب أن يغضب أحد ويقول مستنكرا، إن هذه تجليات تاريخية تثبت يقظة وعظمة الشعب المصري القادر على المقاومة واجتراح المعجزات!! ولكن مع الأسف، فالسلطة لا تنظر بهذه النظرة. والجميع يعرف أن الاستثناء يؤكد القاعدة. والانتفاضات والثورات الشعبية لم تكن فقط قليلة، وإنما أيضا كان دوما يتم إجهاضها، حتى أنها لا تشكل أي استثناء!
المصريون يخافون التغيير، وهو الأمر الذي يحتاج إلى دراسات وأبحاث جادة. والسلطة في مصر، تاريخيا، تفكر في التغيير والتطوير انطلاقا من احتياجات المؤسسة العسكرية حصرا. وهناك حالة من التباطؤ والتقاعس في إجراء التغيير والتطوير في حال كانت ظروف المجتمع بحاجة إلى ذلك، طالما أن التغيير والتطوير لا يساهمان مباشرة في مصلحة القوات المسلحة والنخبة العسكرية، ولا يساهمان بشكل مباشر في ترسيخ سلطتها ونقل هذه السلطة إلى أفراد من نفس النخبة.
أنظمة الحكم في مصر تلجأ، تاريخيا، إلى نظرية وضع المجتمع عند الحافة أو عند الحواف وخطوط التماس المتعلقة إما بمقاومة الاستعمار والصهيونية والإمبريالية أو الإرهاب أو الفساد وذلك في مقابل حواف وتماسات أخرى مثل سوء التعليم والصحة، والإفقار الممنهج، والعنف والبلطجة السياسية والفساد السياسي. هناك دوما خيارات ضئيلة وشحيحة للغاية: الديمقراطية أم الانضباط؟ مكافحة الاستعمار والصهيونية والإمبريالية أم مكافحة القمع والاستبداد والفساد، مكافحة الإرهاب أم الوقوع في الفوضى؟!
هناك أولويات دائمة لدى السلطة في مصر، وكأن هذه الأولويات تتعارض مع تحسين ظروف المجتمع من تعليم وصحة وسكن وعمل. وفي حال الإعلان عن نوايا تطوير هذا الرباعي “اللعين” فإن ذلك يكون انطلاقا من احتياجات المؤسسة العسكرية، ويتوقف مباشرة عند انتهاء هذه الاحتياجات. والأخطر والأهم، أن لا يكون لهذه الإصلاحات والتغييرات والتطويرات أي ظهير شعبي اجتماعي أو مرجعة مدنية بحكم حركة المجتمع وبأحكام الدستور والقانون أو صيغة أهلية متجذرة بحكم القانون والدستور ومنظومة العلاقات الاجتماعية، وذلك حتى لا ينافسوا أو يزاحموا على السلطة.
تجري عملية “إقناع” للمجتمع المصري، بأن أي تغييرات الآن ليست لصالح الاستقرار، وكأن الاستقرار يتعارض مع تطبيق القانون وتجريم التمييز مثلا، أو يتعارض مع الديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه باتت السلطة السياسية بكل أذرعها الأمنية تعمل “جاهدة ومشكورة” على تقويم وهداية “الأولاد الصغار المغرر بهم الذين يدعون إلى التغيير والتطوير، والذين لا يعرفون لا مصلحتهم ولا مصلحة البلد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى