ثقافة وفنون

أشرف الريس يكتب عن: ذكرى ميلاد عباس فارس

يوافق اليوم الذكرى السنوية الـ 117 لميلاد ” كوهين المسرح المصرى ” و ” صاحب الحنجرة الأشهر و الصوت الأجش فى السينما المصرية ” الفنان الكبير و القدير خفيف الظل عباس فارس و الذى يُعد أحد أهم رواد المسرح المصرى فى تاريخه الذهبى و هو الفنان المُتمكن المُخضرم التى حين تقودك الصدفة لتشاهد مشهداً واحداً من أعماله فلن تُمحى نبرة صوته المصحوبة بأدائه التلقائى من ذاكرتك على الإطلاق حيثُ اشتهر بطريقته المُميزة فى الإلقاء ساعدته بشكلٍ كبير ليكون من رواد المسرح و ذلك على الرُغمِ من عدم حُصوله على البطولة المُطلقة قط طيلة حياته ! و لكنه استطاع أن يرسم لنفسه خطاً و لوناً خاصاً به فأصبح رائداً للفن المسرحى علاوة على تميز أدواره الرائعة على الشاشة الكبيرة بتعدد شخصياته فكان العم الطيب فى ” الزواج على الطريقة الحديثة ” و أبرهة الحبشى فى “بيت الله الحرام” و الشيخ ابن عبد السلام فى “وا إسلاماه ” و المُدير الفاسد فى ” أبو حملوس ” و جُحا فى ” مُسمار جحا ” فاستطاع أن يحتفظ لنفسه بمكانة خاصة فى قلوب المُشاهدين إضافة لتفرُد أدواره الجميلة فى الدراما الإذاعية و الحق يُقال أن فارس كما كان مُتفرداً فى أعماله الفنية لم تختلف حياته الخاصة كثيراً أيضاً عن ذلك التفرُد بداية من تديُنه الشديد و تصوفه و وصولاً بزواجه من شقيقتين أجنبيتين و اللتان استطاع فارس أن يُسلمهُما على يديه ! .. ولد فارس بحى المغربلين فى منطقة الدرب الأحمر بمُحافظة القاهرة و اختلف على يوم مولده عما إذا كان فى 22 أبريل 1902م أو 16 يناير 1900م ( و الله أعلم ) وسط أسرة مُتوسطة الحال و عشق التمثيل عندما كان صبياً لم يتجاوز الـ 10 أعوام بعد زيارة مدرسية تصطحبُ المَدرسة فيها الأطفال لمُشاهدة مُسلسلات ثقافية كان فارس واحداً من هؤلاء الطلاب فجلس مُنبهراً عندما بدأ زملائه يعرضون أمامه مسرحية « فاوست » و من بعدها عرف فارس الطريق إلى التمثيل حيث شارك صبياً فى إحدى فرق الهواة فى عرض بعنوان « شقاء الأبناء » و عندما بلغ عمره الـ 15 عام قرر العمل كمُحترف و انضم لفرقة « جورج أبيض » كمُمثل و أسند إليه دور فى مسرحية « ماكبث » ثم فى مسرحية « عُطيل » و كلتاهُما من تأليف وليام شكسبير و « أوديب ملكاً » ثُم انضم لفرقة نجيب الريحانى و شارك معه فى أوبريت « العشرة الطيبة » من تلحين فنان الشعب سيد درويش ثُم تنقل بين أكثر من فرقة مسرحية منها فرقة « عُكاشة » و فرقة « مصر » و« الفرقة القومية » التى انضم لها فى بداية تكوينها عام 1935م و اشترك فى عدة مسرحيات أهمها « الزوجة العذراء » و« أحمُس الأول » و « أميرة الأندلس » و « جان دارك » و « السُلطان عبد الحميد » و «٣٠ يوم فى السجن » و « لو كنت حليوة » كما وقف أمام سيدة الغناء العربى أم كلثوم فى بطولة فيلم « منيت شبابى » أو « قصة نشيد الأمل » عام 1937م و جسد شخصية « إسماعيل » الذى طلق زوجته « آمال » أو أم كلثوم تاركاً إياها وحيدة لتُقاسى مصاعب الحياة مع ابنتها « سلوى » حتى تُقابل طبيباً تُحبه لكن طليقها لا يتركها بحالها كما جسد فارس أيضاً شخصية « ورقة ابن نوفل » فى فيلم « ظهور الإسلام » عام 1951م و فى يونيو 1952م جسد شخصية « جُحا » فى فيلم « مُسمار جحا » و الذى قوبل بالرفض بناء على آوامر ملكية حيث حملت قصة الفيلم إهانة للذات الملكية و بالفعل مُنع الفيلم من العرض قبيل ثورة يوليو و تعرض فارس بعدها لمُضايقات كثيرة وصلت بكتابة سب لوالدته ! على جُدران منزلة من قِبل بعض الصبية المأجوريين من البوليس السياسى و حينما قامت الثورة طمع صُناع العمل فى أن تسمح الثورة بإعادة عرضه و هو ما لم يحدث ! و نسى الجميع الأمر أو تناسوه و ظل الفيلم حبيس الأدراج حتى يومنا هذا و لذا يُعدُ واحداً من أكثر الأفلام العربية نُدرة و التى قلما يسمع عنها أحد و عندما أرادت السينما العالمية أن تصنع فيلماً يتحدث عن عادات و تقاليد الصحراء المصرية استعانت بفنانى مصر و كان منهم فارس الذى جسد دور « شيخ » فى الفيلم الأمريكى ” Egypt by three ” عام 1953م و شاركهم البطولة ” جوزيف كوتن ” و ” جاكى كرافن ” من إخراج ” فيكتور إستلوف ” و فى عام 1954م قدَم فارس شخصية القُطب الصوفى الكبير « السيد أحمد البدوى » فى فيلم « السيد أحمد البدوى » الذى يؤرخ لسيرة و مسيرة البدوى و يُعدُ هذا الفيلم من بداية المُحاولات التى ينتمى أصحابها للتصوف ! كما برع فارس فى دور « أبرهة الأشرم » فى فيلم « حملة أبرهة على بيت الله الحرام » عام 1957م و فى شخصية « أبو عبيدة بن الجراح » فى الفيلم التاريخى « خالد بن الوليد » عام 1958م ..كان فارس قد سافر فى بعثة إلى إنجلترا لمدة ستة أشهر حيث قابل إمرأة بريطانية فوقعا سوياً فى الحُب التى تكللت بالزواج بعد أن أعلنت تلك المرأة إسلامها و بعد انتهاء بعثته عاد الزوجان إلى القاهرة مرة آخرى و رزقا بابنهما الأول “جمال” إلا أن السعادة أعلنت تمرُدها على الأسرة السعيدة بعد أن توفت الزوجة تاركة ورائها الزوج عباس فارس و ابنها فى حالة حزن كبيرة و استمرت حالة الحُزن مُستمرة على تلك الأسرة حتى قرر فارس الزواج من شقيقة زوجته الراحلة لتعود البسمة لتلك الأسرة مرة آخرى بعد أن ربت الزوجة ابنة شقيقتها كما رزقت بالابن الثانى لفارس و الذى عُرف باسم ” إسلام “.. كانت لفارس محطات كوميدية رائعة تمثلت فى مسرحية « حسن و مرقص و كوهين » عام 1960م حيث جسد شخصية « كوهين » كما يُعتبر فيلم « وا إسلاماه »عام 1961م من المحطات الهامة فى حياته حيث جسد دور الشيخ « العز بن عبد السلام » و جاء عام 1973م ليُسطر نهاية حياة فارس الفنية بفيلم « العنيد » بطولة فريد شوقى و ناهد شريف و توفيق الدقن و محمد رضا و من تأليف صبرى عزت إخراج حسن الصيفى و هو الفيلم الذى عانى فارس كثيراً بعده و لمدة آخر 5 سنواتٍ من حياته بسب المرض و بسبب الوحد ة و الإهمال من جانب الدولة التى أغمضت العين عن صرف معاشٍ استثنائىٍ له و كذلك الإهمال من جانب النقابة أيضاً التى لم تُكلف خاطرها بإرسال مندوب من عندها لفارس حين طلب الأخير منها ذلك لعدم استطاعته سداد تكاليف المُستشفى التى أقام بها قبل رحيله بثلاثة أشهر و التى لم تكن تتجاوز آنذاك الـ 450 جنية ! و تكفل بها زملائه فى الوسط الفنى ليرحل بعدها فارس جسداً فقط فى منزله القديم بحى العباسية فى 13 فبراير 1978م عن عُمرٍ ناهز الـ 76 عاماً و ظل و سيظل روحاً و فناً بعد أن أثرى حياة المُشاهد المصرى و العربى بالعديد من الأعمال الفنية الجميلة و الأدوار المُميزة .. رحم الله عباس فارس و تجاوز عن سيئاته و أسكنه فسيح جناته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى