كتاب وشعراء

من أجلك انت للكاتبة أسماء الحويلي

2.#من_أجلك_أنت
.بعد مرور فترة ، كعادتي ذهبت إلى الشغل و عند العودة في نهاية اليوم ، أخبرتني صديقاتي أن زميلا لنا اسمه ياسر تم نقله إلى المستشفى ؛ لقد أعطاه الصيدلي حقنة غير مناسبة له عن طريق الخطأ ، ولما أخذها سقط على إثرها فاقدا للوعي . بعد معاينته ، وجد الأطباء أنه أصيب بشلل نصفي ولن يستطيع تحريك نصفه مرة أخرى .
ياسر هذا شاب وسيم في أول عمره يصغرني بعامين ، يتيم الأب ووحيد والدته وكان خاطبا لما وقع له الحادث . ذهبت مع زملائي لزيارته وبقينا على اتصال بوالدته للاطمئنان عليه .
بعد حوالي شهرين ، سمعنا أن خطيبته تركته لأنه لم يعد قادرا على التحرك بمفرده . تلقيت هذا الخبر بحزن وقلت الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به غيري وفضلني على كثير من خلقه.. ودعوت له بالشفاء وأن يعوضه الله خيرا ..اتفقنا نحن زملاء الشغل على زيارته دوريا للتخفيف عنه ومساندته حتى تتحسن نفسيته ونفسية والدته التي كانت في منتهى الطيبة والعفوية . ظل ياسر بعد ذلك لا يتنقل إلا على كرسي متحرك . انتهت سنة وانتهت معها جنة ياسر على الأرض ، لقد ماتت والدته __يا الله ، ما أصعب هذا الاختبار على ياسر ، اختبار صدمنا جميعا ، لم يعد هناك أحد يهتم به وهو الذي يعجز أن يُناول نفسه كوب ماء .. البعض يقول أن عليه بالزواج ولكن من توافق وترضى بظروفه يا ترى ! هالني أمره كثيرا وبقيت أفكر وأفكر .. ماذا لو تقدم لي ياسر وخطبني ، هل أقبل أم أرفض ! هل أوافق وأعتبره عملا لوجه الله خاصة وقد تأخر زواجي!
أخذت إحدى صديقاتي على انفراد و فتحت الحديث معها ..صفاء ، أريد الزواج من ياسر .نظرت إلي بدهشة وقالت : __أمل ، هل تعي ما تقولين ؟ __ أجل ، أنا في كامل الوعي .__ اسمعي يا أمل ، تأخر الزواج ليس عيبا ، أنت لا زلت شابة وليس هناك ما يجبرك على القبول بوضع كهذا ! هل من أجل ألا يقال عنك عانس تقبلين بأي شخص ! هذه حياتك فكري جيدا قبل أن تندمي ، تعلمين أن ياسر لا يستطيع الحركة وقد لا يستطيع الإنجاب أيضا ..
__ أعرف كل ذلك ، وأنا موافقة ومرتاحة نفسيا لهذا الأمر .
__ كما تريدين ، دعيني أفتح الموضوع معه وسنرى .. وهنا شعرت براحة وغبطة لم أشعر بها من ذي قبل لاتخاذ قرار كهذا .
بعد يومين جاءتني صفاء وهي تقول : __آسفة يا أمل لقد رفض . قال لا يمكنني أن أدمر حياتها معي فهي تستحق رجلا معافى مثلها ليسعدها ، أما أنا فأعجز أن أقدم لها أي حياة ، أأدفنها وهي على قيد الحياة ؟!
زادني هذا الكلام تمسكا برأيي وشعرت بأجفاني تريد أن تذرف دموعا فقلت لها : __لنذهب معا عنده ! __ حقا ! وماذا تريدين منه أكثر مما سمعت ، هل جننتِ ؟
__ تذهبين معي أم أذهب بمفردي ؟ __ لن أقدر عليك ، هيا بنا !
جلست أمام ياسر بينما كان على كرسيه المتحرك . أخذت نفسا وبلعت ريقي وقلت له : __ياسر ، جئت لأعيد عليك الطلب الذي جاءتك به صفاء ، هل تقبلني زوجة لك ؟ نظر الى الأرض مطأطئا رأسه وكأنه يريد أن يبكي ..
__نعم ، أريدك زوجا لي على سنة الله ورسوله ، أتوافقني الرأي ؟
يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى