التنين… شعر مراد العمدوني
التنين
___
1
انتهى
ستعود الأشياء ، كما كانت ،
إلى أسمائها
و تستعيد الرّوح لذّتها
من رجفة الصلصال
و سأمنح ، بعد قليل ، كفّي اليمنى إلى شمالها
كي ترسم على رمالنا
صور الملائكة
و هي تسقط من ثقوب الأوزون
و تَ.نْ.شَ.طِ.ر
كغيمة مُفتضَّة
على واجهة الجدار
2
انتهى
جثّتي مُعلَّقة منذ الجاهلية
بلا قافية
كأنّها بلغم مُقيَّح
في سِدرة المُنتهى
و الرّيح تجتثّ من دمي
لون رايته
كي يصير فزَّاعة للرذاذ الجميل
3
انتهى
خيمة … خيمة
أتحسَّس عبث التكوين
و أصطفي للخيانات
أناشيد مقدّسة
كي تستجيب لمقاصد مِلَّتنا
و أستدلّ ، في ظلمة البوح ،
بخيط العنكبوت
لأثبت للرّيح :
جدوى التعاويذ
و جدوى فتنتنا
4
مُكتفيا ،
بما تنثره الرّياح لي
من مطر
أرتوي
…
و أروي للموج
وهج التّستّر
خلف جحيم الهيدروجين
المُرصَّع بالدّم
كلّما ارتخت غيمة
فوق صدري
أو تبلّلت رغوة الصلصال
بالرِّيق الحرام
حرام على البحر
أن يهتدي بنجمة غيرنا
فالضياع لعبتنا المُتْقَنة
…
من فتحة
في هذا العالم المفتوح
نهوي
كما الأشباح
من ثقوب الحضارات
إلى قاع العقل الشارد
في رعب الغياب
…
فكلّ الأشياء تشبه نسختها الوسخة :
عودة التتار
و رعاة البقر المُسْتَنْسَخِ
من جِينَة الرّوث الآدميّ
انتفاضة يدّ مبتورة
ترجم الماضي
بأوعية الواقي المغشوش
و تستلذّ صور الجسد المشحون
بفائض القيمة
و معادلات الحرب الدنيئة
5
انتهى
دولةً
دولة
يتساقط
الشجر القديم
من د منا
و تقتلع رياح الخريف أطرافنا
من جذورها
كي لا نمدّ وردتنا الأخيرة
للفراش اليتيم
و تنفضنا كلّ القواميس الحديثة
من مفرداتها
غبارا كئيبا
في فراغ الجحيم
6
من وردة بريّة
نشتّق صيغة انهيارنا
و نُطيّر ، مرغمين ،
أسراب العصافير من تمثّلاتنا
فما كنّا لندرك ما تخبّئه لنا الأمنيات
من فخاخ
خلف التواشيح الغزليّة
و ما ينثره الحمام المركّب من قنابل
فوق أغنيّة بدويّة
و ما كنّا لنستردّ أشكال أوهامنا الأولى
لولا انكشافك علينا
في أقبيّة الغيم المخيف
7
انتهى
كلّ ما تبقَّى للرّيح
من دَفَقٍ
شرّدته التعاليم القديمة
و هرّبته الحقائب
إلى خوذة في الظلام
8
سلام علينا ،
علينا يحطّ السّلام
كجمجمة ثوريّة
محمولة على موجة
في السّراب العتيق
و نعشٍ زجاجيٍّ
لغيمة مَنْتُوفَةٍ
في الضباب
….
9
سلام علينا ،
من تشابك الطرق
نلوّح بأيدينا لنجمة ذابلة
و نُنْهي لغة البدء
عند موطننا في الغياب
فقد ينزع الواجد حجاب البرق
عن مضغة الطّين
و يبلّل بماء الورد
أطراف جثّتنا
و قد تحملنا المدرّعات ، خِفْيَة ،
إلى ترنيمة حزينة في أغنية الصّباح
…
10
صباح
ككلّ الصّباحات التي انتهت
انتهى
سنهاجر ، بعد قبلتين ،
إلى نطفة ضامئة
كي نعيد للرّهبة وطأتها القاتلة
ثمّ نهذي
و ننام
مراد العمدوني
تونس