رؤى ومقالات

حمدي عبد العزيز يكتب …… مايتم الآن علي صعيد السياسات الإقتصادية

أظن أن مايتم الآن علي صعيد السياسات الإقتصادية هي عملية إعادة وضع عجلات القطار علي نفس القضبان 
نفس قضبان ماتسمي بسياسات ((الإصلاح الإقتصادي)) 
الذي بدأها حسني مبارك في الثمانينيات عقب المؤتمر الإقتصادي الذي كانت توصياته عملية تخدير واحتواء لمنتقدي سياسات السادات الإقتصادية وما آلت إليه من نتائج

تماماً كما فعل السادات نفسه عبر (( ورقه أكتوبر)) والتي تمت صياغتها عقب انتصار أكتوبر العسكري مباشرة ، والتي أعقبتها سياسات الإنفتاح الإقتصادي التي هي في جوهرها سياسات رفع يد الدولة عن السوق والتي أتمتها سياسات الإصلاح الإقتصادي في عهد مبارك بتبني سياسات التكيف الهيكلي التي تضع حزمتها المؤسسات المالية الدولية ( صندوق النقد – البنك الدولي – منظمة التجارة العالمية) 
والتي تتمحور حول أهداف أساسية كضمانات لسداد وخدمة الدين يتم فرضها كمشروطيات أساسية لخطاب ضمان القرض الذي تقدمه الحكومة المقترضة منها :

أولاً : خفض العجز في الموازنة عبر تقليص الدعم والمضي قدماً نحو إلغاءه ، ورفع أسعار خدمات الدولة ، والهيكلة الضريبية التي تعني فرض المزيد من الضرائب وهو مايعني دائماً المزيد من إفقار الشرائح المحدودة الدخل في المجتمع المصري رغم مايصاحب تلك الإصلاحات دائماً من شعارات تنفي وضع المزيد من الأعباء علي تلك الشرائح مثل ( رفع المعاناة عن الفقراء) ، (لا مساس بمحدودي الدخل) ، وخلافه من تلك الشعارات التي يتم ترديدها الآن ونحن بصدد عقد اتفاق الإقتراض من صندوق النقد الدولي

ثانياً : المزيد من إطلاق حرية قوي السوق عبر تشريعات تضمن حرية حركة رؤوس الأموال الأجنبية ( قوانين الإستثمار الأجنبي) وهذا ماأدي إلي تدمير الصناعة الوطنية وتفكيك أسس الإقتصاد الحقيقي رغم مايصاحب ذلك عادة من أحاديث حكومية حول ارتفاع معدلات النمو الإقتصادي وما إلي ذلك

ثالثاً : إتباع سياسات نقدية تؤدي إلي خفض قيمة الجنيه المصري جذباً للاستثمارت الأجنبية وهو مايؤدي عادة إلي خفض القوة الشرائية لأوسع شرائح المجتمع المصري

وهذه الإجراءات هي مايتم بالفعل منذ عقد المؤتمر الإقتصادي بشرم الشيخ وحتي تاريخه كنوع من إبداء الإستعداد الجدي للتفاوض مع صندوق النقد الدولي عبر استباق تنفيذ توصياته التي كانت سبباً في الخراب الإقتصادي للعديد من دول العالم

رابعاً : دائماً استخدام الجانب الأكبر في القرض لعمليات تحديث وتجديد البنية الأساسية اللازمة للإستثمار الأجنبي

وهو دائماً ما ينتهي بتركيز خدمات الدولة في هذا المجال نحو العاصمة الرئيسية وعواصم المحافظات الساحلية ثم بعض المدن الكبري في بعض المحافظات لينتهي الأمر بأن تدفع الأجيال القادمة قيمة ما استدانته الدولة لاستفادة عدد محدود من السكان بتلك الخدمات

خامساً : المزيد من إنهاء دور الدولة في الإدارة الفعلية للإقتصاد وتفكيك الوحدات الإقتصادية للدولة عبر إيقاف دعم واهتمام الدولة بها تارة (ماتم في عهد السادات) ، وتارة أخري عبر الخصخصة ( ماتم في عهد حسني مبارك) وتارة أخري عبر طرح الصكوك ( وهو ماكان مقترحاً في آواخر أيام مبارك وطرحته سلطة الإخوان من بعده) وهو مايتم تداوله الآن من طرح أسهم شركات الدولة في البورصة تحت دعوي توسيع قاعدة الملكية وهو المعني به خلق فرص لشراء بعض أو كل تلك الأصول لرأس المال الأجنبي وتوابعه المحلية بما يعني في النهاية تدمير أية فرصة لخلق إقتصاد محلي حقيقي والمزيد من وضع مقدرات الإقتصاد الوطني في يد المستثمرين الأجانب والمغامرين من رجال الأعمال المصريين

هكذا ومنذ عقد مؤتمر شرم الشيخ الإقتصادي الذي كان بمثابة قص شريط الإفتتاح لسياسات التكيف الهيكلي السيئة السمعة 
فإنه قد تم وضع قطار الإقتصاد المصري علي نفس الشريط الحديدي الذي كان يسير عليه أيام حكم مبارك 
وهو ماكان الإخوان المسلمون من بعده يستعدون لفعله لولا تم اسقاط حكمهم في 30 يونيو 2013

كل ذلك يتم كل مرة دونما نظر أو أدني إلتفاتة لما يمكن أن تنتهي إليه مسيرة هذا القطار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى