كتاب وشعراء

في محراب النص .. بقلم معاذ السمعي – اليمن

“كم من الأصداف رميتُ

 اليك ..!

كثيرًا .. حدّ أني ما عدتُ أحصيها

كثيرًا .. حدَ أن البحار أصبحت خاليةً منها

كثيرًا .. حدَّ أني صنعت من عُنقك

 شاطئً

أكثرَ امتدادا من رقعة الماءِ على كوكبِ الأرض..

خذ بأناملي الآن ..

 عساها تتجنب قشر الكتابةِ

وتتعلم المشي على البركان الكسول ،

وتخضع الأرضُ لعضتها وتنام دون بكاء ..

••••

من هنا

سوف أرى شروقك قبل سواي،

ومن هنا

سوف يزداد شعاع الحرف الأخير ألقا..

ومن شرفات أصابعي

غالبا ما سوف تتغلغل النسمات الجنوبية،

ومن يدي سوف ترشحُ سوداوية الحبر

خيولًا بيضاء ،

ومن يدي أيضا سوف تأكل الضواري حبوب القمح.

أما قصيدتي المعتقلة في يد المدينة السمراء .

هي التي سوف ..

من هنا ..

من علِ ..

ستحرر نفسها

••••

 سوف تأتي على كل حال أيها النص.

فلِمَ ليس الآن ؟

إنني أنتظرك وقد نفذ حبري.

من أجلكَ أشعلتُ المدينة

و أسجرتُ البحر

يا بسيطا كأعجوبة .

تعال من فضلك

تعال بأي قناعٍ تريد .

انفجر كقنبلةٍ ذرية في فمي،

أو تسلّل و اسرقني كرجل عصابة .

سمّمني بدخانك …

أو كن الجنية التي حلمنا بها أطفالا

و المألوفة حد الإشمئزاز

الجنية التي ألمح فيها طرف شالٍ محمرٍ باهت

ووجه حطابٍ شاحبٍ من فرط الخوف.

لا يهمْ .

لم يعد ثمة مايعنيني الآن ،

فقط أنتَ أيها الطيب !

البريق الأزرق للعينين الممشوقتين.

سوف تأتي على كل حال .

سوف أشرب نخبا أخيرا لمنزلنا المدمر

لحياتنا التعيسة

“لفوبيا” عشناها اثنين.

وسوف أشرب نخبكَ أيضا:

نخب خداع عينيكَ اللتين خانتا،

نخب جليد شفتيكَ الميت،

نخب هذا العالم الوحش .

••••

صامتٌ أنت.

بلا جدوى إذا تغطى ظهري بمعطف هش.

بلا جدوى حشرجاتكَ المهموسة

عن روعة الحب الأول :

كم بتُ أعرفها تماما

نظراتكَ هذه العنيدة والخشنة!

لا أدري أ حيٌّ  أنت أو ميت ؟!!

هل على هذه الأرض باستطاعتي البحث عنك،

أم يمكنني فقط

عندما يخبو المغيب

أن أندبك بسخاء أفكاري ؟

•••••

كل شيء لك: صلاة النهار

وتسابيح الأرق،

والأبيض من سرب أحلامي

والأزرقُ من غيم عيني .

لم أعشَق أحدا أكثر منك،

ولم يعذبني أحدا أكثر منك،

ولا حتى  تلك التي خذلتني حد الاحتضار

ولا حتى ذلك الذي غمرني ورحل .

••••

لقد قررتُ أن أمضي ببساطةٍ محضة ..

أراقبُ السماء وأصلي لما ورائها

و أنامُ طويلا قبل سقوط المساء.

كي أنهك أشجاني الباطلة .

وعندما الأحزان توغر حفيفها

 في الوهد

وتتدلى عناقيد الأشواك ،

أكتبُ نفاقا عن فرحتي بالحياة .

ثم أعود .!

•••

 سوف تأتي على كل حال ،

ولن أخاف قدومكَ ،

بأي شكلٍ تريد،

تلوى كأفعى ،

مارس سُمَكَ في أنحاء القلب

واشجبْ كحمامةٍ،

ابرق على الإسفلت الأسود،

أو تهاوى في رغوة الفلفل الأحمر،

 انتحب برقةٍ

 في صلاةِ الريح ،

أو التحم كالبرق في فضاعةِ صوتي

وحرارة لهاثي

وانكماش البلاد في وجهي

والخفقان الباطل لأجنحتي الباطلة …

لا يهمُّ ..!

سأرافقكَ حتى اللحظة الأخيرة ،

وأمارسكَ بجشع ..”

____

معاذ السمعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى