رؤى ومقالات

محمد فكري الجزار: عن ذهان النظام السياسي وهستيريا إعلامه

الأنظمة الشمولية المقنَّعة بالديمقراطية تعيش هشاشة بنيوية غريبة، فعلى الرغم من قوة أجهزتها الأمنية وقسوتها، وكذلك توحش ماكيناتها الإعلامية وانفرادها بالشعوب، فهي لا تكاد تحتمل وجود صوت معارض واحد، وإن لم يتمتع بقاعدة جماهيرية تبرر الخوف منه وقمعه، وفي أفضل الأحوال إدانته بمناسبة وبغير مناسبة. ويبدو أن خوفها ليس من هذا الصوت الوحيد الصارخ في البرية، بل إن رعبها كل رعبها من المساس بسلامة قناعها الديمقراطي، إنها تخشى على نفسها من حقيقتها هي نفسها، ولا تخشى سوى هذا، في حالة نموذجية للذهان السياسي. ودراسة حالة إعلامية واحدة يمكنها فضح هذه الحالة. إن إعلاميي تلك الأنظمة، بلا استثناء، يمارسون نوعا من الهستريا الإعلامية لا تعتمد على منطق وإن كان متهافتا، ولا رؤية وإن كانت عمياء، بل على تكرار مجموعة من الجمل مضمونها واحد وكلماتها مختلفة فضلا عن سخافتها، وربما افتقرت إلى أدنى درجات الانتظام اللغوي… هستيريا نموذجية بكل المقاييس. وكل قيمتها أنها لسان مبالغ في صدق تعبيره عن حالة الذهان السياسي التي تعاني منها الأنظمة الحاكمة… المأساة أن التحليل النفسي لا يدرس إلا مرض الأفراد، ولم يطور نظرياته وأدواته لتدخل المؤسسات أو الأنظمة السياسية  الذهانية ضمن اختصاصهوإذن، فلم يبق للشعوب الواقعة تحت حكمها إلا أن تقول كما كانت أمي، رحمها الله، تقول: “ربنا……….. يشفي”… حقا “ربنا يشفي” اللهم آمين.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. حضرتك بتعمل لي بلوك علي الفيس يا دكتور علشان بسألك أسئلة للإستفسار ياريت تقربوا من الناس وبلاش إستعلاء فكري علي العالم علشان تعرفوا تأثروا فيهم وإن لم تستطع مناقشة أحد فأنصحك بلاش تنشر حاجة أحسن وتحتفظ بأفكارك لنفسك ربما تستطيع التغيير وحدك
    Yaser mansour…. تحياتي

    1. وافقت على نشر تعليقك، لأنك مرحب بك في المكان العام، ولو بيدي منعك لما منعتك. أما الخاص، فأعتقد أنك لن تجادل في أن حسابي خاص بي، لذا فإني حر في اختياري من يقيم به، تماما كما أنت حر. أكرر ترحيبي بك هنا وبتعليقك، وأشكرك على نصيحتك.

  2. دائماً الانظمة الاستبدادية تخشى الكلمة ، يخيفها الفكر ، لا ترى الا في اتجاه واحد ..
    مبدع دائماً استاذنا العالم الجليل دكتور محمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى